للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَكَذَلِكَ عَطَفَ بُرُورَهُ بِوَالِدَيْهِ عَلَى كَوْنِهِ تَقِيًّا لِلدَّلَالَةِ عَلَى تَمَكُّنِهِ مِنْ هَذَا الْوَصْفِ.

وَالْبُرُورُ: الْإِكْرَامُ وَالسَّعْيُ فِي الطَّاعَةِ. وَالْبَرُّ- بِفَتْحِ الْبَاءِ- وَصْفٌ عَلَى وَزْنِ الْمَصْدَرِ، فَالْوَصْفُ بِهِ مُبَالَغَةٌ. وَأَمَّا الْبِرُّ- بِكَسْرِ الْبَاءِ- فَهُوَ اسْمُ مَصْدَرٍ لِعَدَمِ جَرْيِهِ عَلَى الْقِيَاسِ.

وَالْجَبَّارُ: الْمُسْتَخِفُّ بِحُقُوقِ النَّاسِ، كَأَنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنَ الْجَبْرِ، وَهُوَ الْقَسْرُ وَالْغَصْبُ.

لِأَنَّهُ يَغْصِبُ حُقُوقَ النَّاسِ.

وَالْعَصِيُّ: فَعِيلٌ مِنْ أَمْثِلَةِ الْمُبَالَغَةِ، أَيْ شَدِيدُ الْعِصْيَانِ، وَالْمُبَالَغَةُ مُنْصَرِفَةٌ إِلَى النَّفْيِ لَا إِلَى الْمَنْفِيِّ. أَيْ لَمْ يَكُنْ عَاصِيا بالمرة.

[سُورَة مَرْيَم (١٩) : آيَة ١٥]

وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا (١٥)

الْأَظْهَرُ أَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا [مَرْيَم: ١٢] مُخَاطَبًا بِهِ الْمُسْلِمُونَ لِيَعْلَمُوا كَرَامَةَ يَحْيَى عِنْدَ اللَّهِ.

والسّلام: اسْم للْكَلَام الَّذِي يُفَاتِحُ بِهِ الزَّائِرُ وَالرَّاحِلُ فِيهِ ثَنَاءٌ أَوْ دُعَاءٌ. وَسُمِّيَ ذَلِكَ سَلَامًا لِأَنَّهُ يَشْتَمِلُ عَلَى الدُّعَاءِ بِالسَّلَامَةِ وَلِأَنَّهُ يُؤْذِنُ بِأَنَّ الَّذِي أَقْدَمَ هُوَ عَلَيْهِ مُسَالِمٌ لَهُ لَا يَخْشَى مِنْهُ بَأْسًا. فَالْمُرَادُ هُنَا سَلَامٌ مِنَ اللَّهِ عَلَيْهِ، وَهُوَ ثَنَاءُ اللَّهِ عَلَيْهِ، كَقَوْلِهِ سَلامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ [يس: ٥٨] . فَإِذَا عُرِّفَ السَّلَامُ بِاللَّامِ فَالْمُرَادُ بِهِ مِثْلُ الْمُرَادِ بِالْمُنَكَّرِ أَوْ مُرَادٌ بِهِ الْعَهْدُ، أَيْ سَلَامٌ إِلَيْهِ، كَمَا سَيَأْتِي فِي السَّلَامِ عَلَى عِيسَى. فَالْمَعْنَى: أَنَّ إِكْرَامَ اللَّهِ مُتَمَكِّنٌ مِنْ أَحْوَالِهِ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ.