تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ [آل عمرَان: ١٤٩] . وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي الْقَرْحِ عِنْدَ قَوْلِهِ: إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ [آل عمرَان: ١٤٠] . وَالظَّاهِرُ أنّه هُنَا للقرح الْمَجَازِيُّ، وَلِذَلِكَ لَمْ يُجْمَعْ فَيُقَال القروح.
[١٧٣- ١٧٥]
[سُورَة آل عمرَان (٣) : الْآيَات ١٧٣ إِلَى ١٧٥]
الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً وَقالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (١٧٣) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (١٧٤) إِنَّما ذلِكُمُ الشَّيْطانُ يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ فَلا تَخافُوهُمْ وَخافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (١٧٥)
يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِلَى آخِرِهِ، بَدَلًا مِنَ الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ [آل عمرَان: ١٧٢] ، أَوْ صِفَةً لَهُ، أَوْ صِفَةً ثَانِيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ فِي قَوْلِهِ: وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ [آل عمرَان: ١٧١] عَلَى طَرِيقَةِ تَرْكِ الْعَطْفِ فِي الْأَخْبَارِ. وَإِنَّمَا جِيءَ بِإِعَادَةِ الْمَوْصُولِ، دُونَ أَنْ تُعْطَفَ الصِّلَةُ عَلَى الصِّلَةِ، اهْتِمَامًا بِشَأْنِ هَذِهِ الصِّلَةِ الثَّانِيَةِ حَتَّى لَا تَكُونَ كَجُزْءِ صِلَةٍ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ابْتِدَاءُ كَلَامٍ مُسْتَأْنَفٍ، فَيَكُونُ مُبْتَدَأً وَخَبَرُهُ قَوْلُهُ:
إِنَّما ذلِكُمُ الشَّيْطانُ يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ [آل عمرَان: ١٧٥] أَيْ ذَلِكَ الْقَوْلُ، كَمَا سَيَأْتِي. وَهَذَا تَخَلُّصٌ بِذِكْرِ شَأْن من شؤون الْمُسْلِمِينَ كَفَاهُمُ اللَّهُ بِهِ بَأْسَ عَدُوِّهِمْ بَعْدَ يَوْمِ أُحُدٍ بِعَامٍ، إِنْجَازًا لِوَعْدِهِمْ مَعَ أَبِي سُفْيَانَ إِذْ قَالَ: مَوْعِدُكُمْ بَدْرٌ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ، وَكَانَ أَبُو سُفْيَانَ قَدْ كَرِهَ الْخُرُوجَ إِلَى لِقَاءِ الْمُسْلِمِينَ فِي ذَلِكَ الْأَجَلِ، وَكَادَ لِلْمُسْلِمِينَ لِيُظْهِرَ إِخْلَافَ الْوَعْدِ مِنْهُمْ لِيَجْعَلَ ذَلِكَ ذَرِيعَةً إِلَى الْإِرْجَافِ بَيْنَ الْعَرَبِ بِضَعْفِ الْمُسْلِمِينَ، فَجَاعَلَ رَكْبًا مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ مَارِّينَ بِمَرِّ الظَّهْرَانِ قُرْبَ مَكَّةَ قَاصِدِينَ الْمَدِينَةَ لِلْمِيرَةِ، أَنْ يُخْبِرُوا الْمُسْلِمِينَ بِأَنَّ قُرَيْشًا جَمَعُوا لَهُمْ جَيْشًا عَظِيمًا، وَكَانَ مَعَ الرَّكْبِ نُعَيْمُ بْنُ مَسْعُودٍ الْأَشْجَعِيُّ، فَأَخْبَرَ نُعَيْمٌ وَمَنْ مَعَهُ الْمُسْلِمِينَ بِذَلِكَ فَزَادَ ذَلِكَ الْمُسْلِمِينَ اسْتِعْدَادًا وَحَمِيَّةً لِلدِّينِ، وَخَرَجُوا إِلَى الْمَوْعِدِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute