[سُورَة الْحَج (٢٢) : الْآيَات ٢٣ إِلَى ٢٤]
إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ (٢٣) وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلى صِراطِ الْحَمِيدِ (٢٤)
كَانَ مُقْتَضَى الظَّاهِرِ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْكَلَامُ مَعْطُوفًا بِالْوَاوِ عَلَى جُمْلَةِ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ [الْحَج: ١٩] لِأَنَّهُ قَسِيمُ تِلْكَ الْجُمْلَةِ فِي تَفْصِيلِ الْإِجْمَالِ الَّذِي فِي قَوْلِهِ: هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ [الْحَج: ١٩] بِأَنْ يُقَالَ: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يُدْخِلُهُمُ اللَّهُ جَنَّاتٍ ... إِلَى آخِرِهِ. فَعُدِلَ عَنْ ذَلِكَ الْأُسْلُوبِ إِلَى هَذَا النَّظْمِ لِاسْتِرْعَاءِ الْأَسْمَاعِ إِلَى هَذَا الْكَلَام إِذا جَاءَ مُبْتَدَأً بِهِ مُسْتَقِلًّا مُفْتَتَحًا بِحَرْفِ التَّأْكِيدِ وَمُتَوَّجًا بِاسْمِ الْجَلَالَةِ، وَالْبَلِيغُ لَا تَفُوتُهُ مَعْرِفَةُ أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ قَسِيمٌ لِلَّذِي قَبْلَهُ فِي تَفْصِيلِ إِجْمَالِ هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ [الْحَج: ١٩] لِوَصْفِ حَالِ الْمُؤْمِنِينَ الْمُقَابِلِ لِحَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْمَكَانِ وَاللِّبَاسِ وَخِطَابِ الْكَرَامَةِ.
فَقَوْلُهُ: يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَخْ مُقَابِلٌ قَوْلَهُ: كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيها [الْحَج: ٢٢] . وَقَوْلُهُ: يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ يُقَابِلُ قَوْلَهُ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُسِهِمُ الْحَمِيمُ [الْحَج: ١٩] . وَقَوْلُهُ: وَلِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ مُقَابِلٌ قَوْلَهُ: قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ [الْحَج: ١٩] . وَقَوْلُهُ: وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ مُقَابِلٌ قَوْلَهُ: وَذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ [الْحَج: ٢٢] فَإِنَّهُ مِنَ الْقَوْلِ النَّكِدِ.
وَالتَّحْلِيَةُ وَضْعُ الْحَلْيِ عَلَى أَعْضَاءِ الْجِسْمِ. حَلَّاهُ: أَلْبَسَهُ الْحَلْيَ مِثْلُ جَلْبَبَ.
وَالْأَسَاوِرُ: جَمْعُ أَسْوِرَةٍ الَّذِي هُوَ جَمْعُ سِوَارٍ. أُشِيرَ بِجَمْعِ الْجَمْعِ إِلَى التَّكْثِيرِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِياباً خُضْراً فِي [سُورَةِ الْكَهْفِ:
٣١] .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute