للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

فَقَالَ: «إِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ رَأَى مَا أَعَدَّ اللَّهُ لَهُ مِنْ خَيْرٍ فَأَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ»

أَيْ وَالْكَافِرُ بِعَكْسِهِ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى خِطَابًا لِلْيَهُودِ قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ [الْجُمُعَة: ٨] .

وَتَقْدِيمُ مِنْهُ عَلَى تَحِيدُ لِلِاهْتِمَامِ بِمَا مِنْهُ الْحِيَادُ، وَلِلرِّعَايَةِ على الفاصلة.

[٢٠، ٢١]

[سُورَة ق (٥٠) : الْآيَات ٢٠ إِلَى ٢١]

وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ (٢٠) وَجاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وَشَهِيدٌ (٢١)

عَطْفٌ عَلَى وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ [ق: ١٩] عَلَى تَفْسِيرِ الْجُمْهُورِ. فَأَمَّا عَلَى تَفْسِيرِ الْفَخْرِ فَالْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ وَصِيغَةُ الْمُضِيِّ فِي قَوْلِهِ: وَنُفِخَ مُسْتَعْمَلَةٌ فِي مَعْنَى الْمُضَارِعِ، أَيْ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَصِيغَ لَهُ الْمُضِيُّ لِتَحَقُّقِ وُقُوعِهِ مِثْلَ قَوْلِهِ تَعَالَى: أَتى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ [النَّحْل: ١] ، وَالْمُشَارُ إِلَيْهِ بِذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: ذلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ إِذْ أَنَّ ذَلِكَ الزَّمَانَ الَّذِي نُفِخَ فِي الصُّورِ عِنْدَهُ هُوَ يَوْمُ الْوَعِيدِ.

وَالنَّفْخُ فِي الصُّوَرِ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِيهِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ [٧٣] .

وَجُمْلَةُ ذلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ مُعْتَرِضَةٌ. وَالْإِشَارَةُ فِي قَوْلِهِ: ذلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ رَاجِعَةٌ إِلَى النَّفْعِ الْمَأْخُوذِ مِنْ فِعْلِ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ. وَالْإِخْبَارُ عَنِ النَّفْخِ بِأَنَّهُ يَوْمُ الْوَعِيدِ بِتَقْدِيرِ مُضَافٍ، أَيْ ذَلِكَ حُلُولُ يَوْمِ الْوَعِيدِ. وَإِضَافَةُ يَوْمُ إِلَى الْوَعِيدِ مِنْ إِضَافَةِ الشَّيْءِ إِلَى مَا يَقَعُ فِيهِ، أَيْ يَوْمَ حُصُولِ الْوَعِيدِ الَّذِي كَانُوا تُوُعِّدُوا بِهِ، وَالِاقْتِصَارُ عَلَى ذِكْرِ الْوَعِيدِ لِمَا عَلِمْتَ مِنْ أَنَّ الْمَقْصُودَ الْأَوَّلَ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ هُمُ الْمُشْرِكُونَ. وَفِي الْكَلَامِ اكْتِفَاءٌ، تَقْدِيرُهُ: وَيَوْمُ الْوَعْدِ.

وَعُطِفَتْ جُمْلَةُ جاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ عَلَى جُمْلَةِ نُفِخَ فِي الصُّورِ. وَالْمُرَادُ بِ كُلُّ نَفْسٍ كُلُّ نَفْسٍ مِنَ الْمُتَحَدَّثِ عَنْهُمْ وَهُمُ الْمُشْرِكُونَ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أُمُورٌ: