للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْإِتْيَانُ بِالْمُضَارِعِ فِي يُؤْمِنُونَ ويَكْفُرُونَ لِلدَّلَالَةِ عَلَى التَّجَدُّدِ وَالتَّكْرِيرِ.

وَفِي الْجَمْعِ بَيْنَ يُؤْمِنُونَ ويَكْفُرُونَ مُحَسِّنٌ بديع الطباق.

[٧٣]

[سُورَة النَّحْل (١٦) : آيَة ٧٣]

وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقاً مِنَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ شَيْئاً وَلا يَسْتَطِيعُونَ (٧٣)

عَطْفٌ عَلَى جُمْلَتَيِ التَّوْبِيخِ وَهُوَ مَزِيدٌ مِنَ التَّوْبِيخِ فَإِنَّ الجملتين الْمَعْطُوف عَلَيْهِمَا أفادتا تَوْبِيخًا عَلَى إِيمَانِهِمْ بالآلهة الْبَاطِل وكفرهم بِنِعْمَةِ الْمَعْبُودِ الْحَقِّ.

وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ الْمَعْطُوفَةُ أَفَادَتْ التَّوْبِيخَ عَلَى شُكْرِ مَا لَا يَسْتَحِقُّ الشُّكْرَ، فَإِنَّ الْعِبَادَةَ شُكْرٌ، فَهُمْ عَبَدُوا مَا لَا يَسْتَحِقُّ الْعِبَادَةَ وَلَا بِيَدِهِ نِعْمَةٌ، وَهُوَ الْأَصْنَامُ، لِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُ مَا يَأْتِيهِمْ مِنَ الرِّزْقِ لِاحْتِيَاجِهَا، وَلَا تَسْتَطِيعُ رِزْقَهُمْ لِعَجْزِهَا. فَمُفَادُ هَذِهِ الْجُمْلَةِ مُؤَكِّدٌ لِمُفَادِ مَا قَبْلَهَا مَعَ اخْتِلَافِ الِاعْتِبَارِ بِمُوجِبِ التَّوْبِيخِ فِي كِلْتَيْهِمَا.

وَمِلْكُ الرِّزْقِ الْقُدْرَةُ عَلَى إِعْطَائِهِ. وَالْمِلْكُ يُطْلَقُ عَلَى الْقُدْرَةِ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً إِنْ أَرادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ فِي سُورَةِ الْعُقُودِ [١٧] .

وَالرِّزْقُ هُنَا مَصْدَرٌ مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ، أَيْ لَا يَمْلِكُ أَنْ يَرْزُقَ.

ومِنْ فِي مِنَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ابْتِدَائِيَّةٌ، أَيْ رِزْقًا مَوْصُوفًا بِوُرُودِهِ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ.

وشَيْئاً مُبَالَغَةٌ فِي الْمَنْفِيِّ، أَيْ وَلَا يملكُونَ جُزْءا قَلِيلًا مِنَ الرِّزْقِ، وَهُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى الْبَدَلِيَّةِ مِنْ رِزْقاً. فَهُوَ فِي مَعْنَى الْمَفْعُولُ بِهِ كَأَنَّهُ قِيلَ: لَا يَمْلِكُ لَهُمْ شَيْئًا مِنَ الرِّزْقِ.