للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وَعُدَّتْ آيُهَا سِتًّا وَثَمَانِينَ عِنْدَ أَهْلِ الْحِجَازِ وَالشَّامِ وَالْبَصْرَةِ وَعَدَّهَا أَيُّوبُ بْنُ الْمُتَوَكِّلِ الْبَصْرِيُّ خَمْسًا وَثَمَانِينَ. وَعُدَّتْ عِنْدَ أَهْلِ الْكُوفَةِ ثَمَانًا وَثَمَانِينَ.

رَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَرِضَ أَبُو طَالِبٍ فَجَاءَتْهُ قُرَيْشٌ وجاءه النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

وَعِنْدَ أَبِي طَالِبٍ مَجْلِسُ رَجُلٍ، فَقَامَ أَبُو جهل كي يمْنَع النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَنْ يَجْلِسَ وَشَكَوْهُ إِلَى أَبِي طَالِبٍ، فَقَالَ: يَا بْنَ أَخِي مَا تُرِيدُ مِنْ قَوْمِكَ؟ قَالَ: إِنِّي أُرِيدُ مِنْهُمْ كَلِمَةً وَاحِدَةً تَدِينُ لَهُمْ بِهَا الْعَرَبُ وَتُؤَدِّي إِلَيْهِمُ الْعَجَمُ الْجِزْيَةَ. قَالَ: كَلِمَةً وَاحِدَةً! قَالَ: يَا عَمِّ يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَقَالُوا: أَإِلَهًا وَاحِدًا مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ، قَالَ فَنَزَلَ فِيهِمُ الْقُرْآنُ ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ [ص: ١] إِلَى قَوْلِهِ: مَا سَمِعْنا بِهذا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلاقٌ [ص: ٧] قَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ. فَهَذَا نَصٌّ فِي أَنَّ نُزُولَهَا فِي آخِرِ حَيَاةِ أَبِي طَالِبٍ وَهَذَا الْمَرَضُ مَرَضُ مَوْتِهِ كَمَا فِي ابْنِ عَطِيَّةَ فَتَكُونُ هَذِهِ السُّورَةُ قَدْ نَزَلَتْ فِي سَنَةِ ثَلَاثٍ قَبْلَ الْهِجْرَةِ.

أَغْرَاضُهَا

أَصْلُهَا مَا عَلِمْتَ مِنْ حَدِيثِ التِّرْمِذِيِّ فِي سَبَبِ نُزُولِهَا. وَمَا اتَّصَلَ بِهِ مِنْ تَوْبِيخِ الْمُشْرِكِينَ عَلَى تكذيبهم الرَّسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَكَبُّرِهِمْ عَنْ قَبُولِ مَا أُرْسِلَ بِهِ، وَتَهْدِيدِهِمْ بِمِثْلِ مَا حَلَّ بِالْأُمَمِ الْمُكَذِّبَةِ قَبْلَهُمْ وَأَنَّهُمْ إِنَّمَا كَذَّبُوهُ لِأَنَّهُ جَاءَ بِتَوْحِيدِ اللَّهِ تَعَالَى وَلِأَنَّهُ اخْتُصَّ بِالرِّسَالَةِ مِنْ دُونِهِمْ. وتسلية الرَّسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ تَكْذِيبِهِمْ وَأَنْ يَقْتَدِيَ بِالرُّسُلِ مِنْ قَبْلِهِ دَاوُدَ وَأَيُّوبَ وَغَيْرِهِمْ وَمَا جُوزُوا عَنْ صَبْرِهِمْ، وَاسْتِطْرَادُ الثَّنَاءِ عَلَى دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ، وَأَتْبَعَ ذِكْرَ أَنْبِيَاءَ آخَرِينَ لِمُنَاسَبَةٍ سَنَذْكُرُهَا. وَإِثْبَاتُ الْبَعْثِ لحكمة جَزَاء الْعَالمين بِأَعْمَالِهِمْ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ. وَجَزَاءُ الْمُؤْمِنِينَ الْمُتَّقِينَ وَضِدُّهُ مِنْ جَزَاءِ الطَّاغِينَ وَالَّذِينَ أَضَلُّوهُمْ وَقَبَّحُوا لَهُمُ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ. وَوَصَفَ أَحْوَالَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.