[سُورَة الْكَهْف (١٨) : آيَة ٥٩]
وَتِلْكَ الْقُرى أَهْلَكْناهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً (٥٩)
بَعْدَ أَنْ أُزِيلَ غُرُورُهُمْ بِتَأَخُّرِ الْعَذَاب، وأبطل ظنهم الْإِفْلَاتُ مِنْهُ بِبَيَانِ أَنَّ ذَلِكَ إِمْهَالٌ مِنْ أَثَرِ رَحْمَةِ اللَّهِ بِخَلْقِهِ، ضَرَبَ لَهُمُ الْمَثَلَ فِي ذَلِكَ بِحَالِ أَهْلِ الْقُرَى السَّالِفِينَ الَّذِينَ أَخَّرَ عَنْهُمُ الْعَذَابَ مُدَّةً ثُمَّ لَمْ يَنْجُوا مِنْهُ بِأَخَرَةٍ، فَالْجُمْلَةُ مَعْطُوفَةٌ عَلَى جُمْلَةِ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ [الْكَهْف: ٥٨] .
وَالْإِشَارَةُ بِ «تِلْكَ» إِلَى مُقَدَّرٌ فِي الذِّهْنِ، وَكَافُ الْخِطَابِ الْمُتَّصِلَةُ بِاسْمِ الْإِشَارَةِ لَا يُرَاد بِهِ مُخَاطَبٌ وَلَكِنَّهَا مِنْ تَمَامِ اسْمِ الْإِشَارَةِ، وَتَجْرِي عَلَى مَا يُنَاسِبُ حَالَ الْمُخَاطَبِ بِالْإِشَارَةِ مِنْ وَاحِدٍ أَوْ أَكْثَرَ، وَالْعَرَبُ يَعْرِفُونَ دِيَارَ عَادٍ وَثَمُودَ وَمَدْيَنَ وَيَسْمَعُونَ بِقَوْمِ لُوطٍ وَقَوْمِ فِرْعَوْنَ فَكَانَتْ كَالْحَاضِرَةِ حِينَ الْإِشَارَةِ.
وَالظُّلْمُ: الشِّرْكُ وَتَكْذِيبُ الرُّسُلِ. وَالْمُهْلَكُ- بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ اللَّامِ- مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ مِنْ «أَهْلَكَ» ، أَيْ جَعَلْنَا لِإِهْلَاكِنَا إِيَّاهُمْ وَقْتًا مُعَيَّنًا فِي عِلْمِنَا إِذَا جَاءَ حَلَّ بِهِمُ الْهَلَاكُ. هَذِه قِرَاءَةُ الْجُمْهُورِ. وَقَرَأَهُ حَفْصٌ عَنْ عَاصِمٍ- بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ اللَّامِ- عَلَى أَنَّهُ اسْمُ زَمَانٍ عَلَى وَزْنِ مَفْعِلٍ. وَقَرَأَهُ أَبُو بَكْرٍ عَنْ عَاصِمٍ- بِفَتْحِ الْمِيمِ وَفَتْحِ اللَّامِ- عَلَى أَنَّهُ مَصْدَرٌ ميمي لهلك.
[٦٠]
[سُورَة الْكَهْف (١٨) : آيَة ٦٠]
وَإِذْ قالَ مُوسى لِفَتاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً (٦٠)
لَمَّا جَرَى ذِكْرُ قِصَّةِ خَلْقِ آدَمَ وَأَمْرِ اللَّهِ الْمَلَائِكَةَ بِالسُّجُودِ لَهُ، وَمَا عَرَضَ لِلشَّيْطَانِ مِنَ الْكِبْرِ وَالِاعْتِزَازِ بِعُنْصُرِهِ جَهْلًا بِأَسْبَابِ الْفَضَائِلِ وَمُكَابَرَةً فِي الِاعْتِرَافِ بِهَا وَحَسَدًا فِي الشَّرَفِ وَالْفَضْلِ، فَضَرَبَ بِذَلِكَ مَثَلًا لِأَهْلِ الضَّلَالِ عَبِيدِ الْهَوَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute