بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
١٠- سُورَةُ يُونُسَ
سُمِّيَتْ فِي الْمَصَاحِفِ وَفِي كُتُبِ التَّفْسِيرِ وَالسُّنَّةِ سُورَةَ يُونُسَ لِأَنَّهَا انْفَرَدَتْ بِذِكْرِ خُصُوصِيَّةٍ لِقَوْمِ يُونُسَ، أَنَّهُمْ آمَنُوا بَعْدَ أَنْ تَوَعَّدَهُمْ رَسُولُهُمْ بِنُزُولِ الْعَذَابِ فَعَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ لَمَّا آمَنُوا. وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَلَوْلا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنا عَنْهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ [يُونُس: ٩٨] . وَتِلْكَ الْخُصُوصِيَّةُ كَرَامَةٌ لِيُونُسَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَلَيْسَ فِيهَا ذِكْرٌ لِيُونُسَ غَيْرَ ذَلِكَ. وَقَدْ ذُكِرَ يُونُسُ فِي سُورَةِ الصَّافَّاتِ بِأَوْسَعَ مِمَّا فِي هَذِهِ السُّورَةِ وَلَكِنَّ وَجْهَ التَّسْمِيَةِ لَا يُوجِبُهَا.
وَالْأَظْهَرُ عِنْدِي أَنَّهَا أُضِيفَتْ إِلَى يُونُسَ تَمْيِيزًا لَهَا عَنْ أَخَوَاتِهَا الْأَرْبَعِ الْمُفْتَتَحَةِ بِ «الر» . وَلِذَلِكَ أُضِيفَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا إِلَى نَبِيءٍ أَوْ قَوْمِ نَبِيءٍ عِوَضًا عَنْ أَنْ يُقَالَ: الر الْأُولَى والر الثَّانِيَةُ. وَهَكَذَا فَإِنَّ اشْتِهَارَ السُّوَرِ بِأَسْمَائِهَا أَوَّلُ مَا يَشِيعُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ بِأُولَى الْكَلِمَاتِ الَّتِي تَقَعُ فِيهَا وَخَاصَّةً إِذَا كَانَتْ فَوَاتِحُهَا حُرُوفًا مُقَطَّعَةً فَكَانُوا يَدْعُونَ تِلْكَ السُّوَرَ بِآلِ حم وَآلِ الر وَنَحْوِ ذَلِكَ.
وَهِيَ مَكِّيَّةٌ فِي قَوْلِ الْجُمْهُورِ. وَهُوَ الْمَرْوِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْأَصَحِّ عَنْهُ. وَفِي «الْإِتْقَانِ» عَنْ عَطَاءٍ عَنْهُ أَنَّهَا مَدَنِيَّةٌ. وَفِي «الْقُرْطُبِيِّ» عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ ثَلَاثَ آيَاتٍ مِنْهَا مَدَنِيَّةٌ وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ إِلَى قَوْلِهِ: حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ [يُونُس: ٩٤- ٩٧] وَجَزَمَ بِذَلِكَ الْقُمِّيُّ النَّيْسَابُورِيُّ. وَفِي «ابْنِ عَطِيَّةَ» عَنْ مُقَاتِلٍ إِلَّا آيَتَيْنِ مَدَنِيَّتَيْنِ هُمَا: فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ إِلَى قَوْلِهِ: مِنَ الْخاسِرِينَ [يُونُس: ٩٤- ٩٥] .
وَفِيهِ عَنِ الْكَلْبِيِّ أَنَّ آيَةً وَاحِدَةً نَزَلَتْ بِالْمَدِينَةِ وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ إِلَى أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ [وَيُونُس: ٤٠] نَزَلَتْ فِي شَأْنِ الْيَهُودِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute