للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْآيَةَ، وَهُوَ جَائِزٌ عِنْدَ أَكْثَرِ نُحَاةِ الْكُوفَةِ وَمَمْنُوعٌ عِنْدَ أَكْثَرِ نُحَاةِ الْبَصْرَةِ، وَلِذَلِكَ تَأَوَّلَ سِيبَوَيْهِ هَذِهِ الْقِرَاءَةَ بِتَقْدِيرِ (فِي) عِنْدَ قَوْلِهِ: وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ لِدَلَالَةِ أُخْتِهَا عَلَيْهَا وَتَبْقَى الْوَاوُ عَاطِفَةً آياتٌ عَلَى اسْمِ (إِنَّ) فَلَا يَكُونُ مِنَ الْعَطْفِ عَلَى مَعْمُولَيْ عَامِلَيْنِ.

وَالْحَقُّ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ جُمْهُورُ الْكُوفِيِّينَ وَهُوَ كَثِيرٌ كَثْرَةً تَنْبُو عَنِ التَّأْوِيلِ. وَجَعَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي «أَمَالِيهِ» قِرَاءَةَ الْجُمْهُورِ بِرَفْعِ آياتٌ فِي الْمَوْضِعَيْنِ أَيْضًا مِنَ الْعَطْفِ عَلَى مَعْمُولَيْ عَامِلَيْنِ لِأَنَّ الرَّفْعَ يَحْتَاجُ إِلَى عَامِلٍ كَمَا أَنَّ النَّصْبَ يَحْتَاجُ إِلَى عَامِلٍ قَالَ: وَأَكْثَرُ النَّاسِ يَفْرِضُ الْإِشْكَالَ فِي قِرَاءَةِ النَّصْبِ لِكَوْنِ الْعَامِلِ لَفْظِيًّا وَهُمَا سَوَاءٌ. وَقَرَأَ يَعْقُوبُ

آياتٌ الثَّانِيَةَ فَقَطْ بِكَسْرِ التَّاءِ عَلَى أَنَّهُ حَالٌ مُتَعَدِّدٌ مِنِ اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ رِزْقٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاح، والسحاب.

[٦]

[سُورَة الجاثية (٤٥) : آيَة ٦]

تِلْكَ آياتُ اللَّهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآياتِهِ يُؤْمِنُونَ (٦)

يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْإِشَارَةُ وَبَيَانُهَا بِآيَاتِ اللَّهِ إِشَارَةً إِلَى الْآيَاتِ الْمَذْكُورَةِ فِي قَوْلِهِ لَآياتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ [الجاثية: ٣] وَقَوْلِهِ: آياتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ [الجاثية: ٤] وَقَوْلِهِ: آياتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ [الجاثية: ٥] .

وَإِضَافَتُهَا إِلَى اسْمِ الْجَلَالَةِ لِأَنَّ خَالِقَهَا عَلَى تِلْكَ الصِّفَاتِ الَّتِي كَانَتْ لَهَا آيَاتٌ لِلْمُسْتَنْصِرِينَ.

وَجُمْلَةُ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنْ آياتُ اللَّهِ وَالْعَامِلُ فِي اسْمِ الْإِشَارَةِ مِنْ مَعْنَى الْفِعْلِ عَلَى نَحْوِ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَهذا بَعْلِي شَيْخاً [هود: ٧٢] .

وَالتِّلَاوَةُ: الْقِرَاءَةُ. وَمَعْنَى كَوْنِ الْآيَاتِ مَتْلُوَّةً أَنَّ فِي أَلْفَاظِ الْقُرْآنِ الْمَتْلُوَّةِ دِلَالَةٌ عَلَيْهَا فَاسْتِعْمَالُ فِعْلِ (نَتْلُو) مَجَازٌ عَقْلِيٌّ لِأَنَّ الْمَتْلُوَّ مَا يَدُلُّ عَلَيْهَا.