للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَجُمْلَةُ قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ بَدَلٌ مِنْ جُمْلَةِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا بَدَلُ اشْتِمَالٍ، لِأَنَّ مَجِيءَ الرَّسُولِ اشْتَمَلَ عَلَى مَجِيءِ الْهُدَى وَالْقُرْآنِ، فَوِزَانُهَا وِزَانَ (عِلْمُهُ) مِنْ قَوْلِهِمْ:

نَفَعَنِي زَيْدٌ عِلْمُهُ، وَلِذَلِكَ فُصِلَتْ عَنْهَا، وَأُعِيدَ حَرْفُ (قَدْ) الدَّاخِلِ عَلَى الْجُمْلَةِ الْمُبَدَلِ مِنْهَا

زِيَادَةً فِي تَحْقِيقِ مَضْمُونِ جُمْلَةِ الْبَدَلِ، لِأَنَّ تَعَلُّقَ بَدَلِ الِاشْتِمَالِ بِالْمُبْدَلِ مِنْهُ أَضْعَفُ مِنْ تَعَلُّقِ الْبَدَلِ الْمُطَابِقِ.

وَضَمِيرُ بِهِ رَاجِعٌ إِلَى الرَّسُولِ أَوْ إِلَى الْكِتَابِ الْمُبِينِ.

وَسُبُلُ السَّلَامِ: طُرُقُ السَّلَامَةِ الَّتِي لَا خَوْفَ عَلَى السَّائِرِ فِيهَا. وَلِلْعَرَبِ طُرُقٌ مَعْرُوفَةٌ بِالْأَمْنِ وَطُرُقٌ مَعْرُوفَةٌ بِالْمَخَافَةِ، مِثْلَ وَادِي السِّبَاعِ، الَّذِي قَالَ فِيهِ سُحَيْمُ بْنُ وَثِيلٍ الرِّيَاحَيُّ:

وَمَرَرْتُ عَلَى وَادِي السِّبَاعِ وَلَا أَرَى ... كَوَادِي السِّبَاعِ حِينَ يُظْلِمُ وَادِيًا

أَقَلَّ بِهِ رَكْبٌ أَتَوْهُ تَئِيَّةً ... وَأَخْوَفَ إِلَّا مَا وَقَى اللَّهُ سَارِيًا

فَسَبِيلُ السَّلَامِ اسْتِعَارَةٌ لِطُرُقِ الْحَقِّ. وَالظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ اسْتِعَارَةٌ لِلضَّلَالِ وَالْهُدَى.

وَالصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ مستعار للْإيمَان.

[١٧]

[سُورَة الْمَائِدَة (٥) : آيَة ١٧]

لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً إِنْ أَرادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما يَخْلُقُ مَا يَشاءُ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٧)

هَذَا مِنْ ضُرُوبِ عَدَمِ الْوَفَاءِ بِمِيثَاقِ اللَّهِ تَعَالَى. كَانَ أَعْظَمَ ضَلَالِ النَّصَارَى ادِّعَاؤُهُمْ إِلَهِيَّةَ عِيسَى- عَلَيْهِ السَّلَامُ-، فَإِبْطَالُ زَعْمِهِمْ ذَلِكَ هُوَ أَهَمُّ أَحْوَالِ إِخْرَاجِهِمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَهَدْيِهِمْ إِلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ، فَاسْتَأْنَفَ هَذِهِ الْجُمْلَةَ لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ اسْتِئْنَافَ الْبَيَانِ. وَتَعَيَّنَ ذِكْرُ الْمَوْصُولِ هُنَا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بَيَانُ مَا فِي هَذِهِِِ