للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَجُمْلَةُ الْقَوْلِ وَمَقُولِهِ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنْ كُلُّ نَفْسٍ [ق: ٢١] أَوْ مَوْقِعِ الصِّفَةِ، وَعَلَامَاتُ الْخِطَابِ فِي كَلِمَاتِ كُنْتَ وعَنْكَ وغِطاءَكَ وفَبَصَرُكَ مَفْتُوحَةٌ لِتَأْوِيلِ النَّفْسِ بِالشَّخْصِ أَوْ بِالْإِنْسَانِ ثُمَّ غَلَبَ فِيهِ التَّذْكِيرُ عَلَى التَّأْنِيثِ. وَهَذَا الْكَلَامُ صَادِرٌ مِنْ جَانِبِ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ شُرُوعٌ فِي ذِكْرِ الْحِسَابِ.

وَالْغَفْلَةُ: الذُّهُولُ عَمَّا شَأْنُهُ أَنْ يُعْلَمَ وَأُطْلِقَتْ هُنَا عَلَى الْإِنْكَارِ وَالْجَحَدِ عَلَى سَبِيلِ التَّهَكُّمِ، وَرَشَّحَ ذَلِكَ قَوْلُهُ فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ بِمَعْنَى: بَيَّنَّا لَكَ الدَّلِيلَ بِالْحِسِّ فَهُوَ أَيْضًا تَهَكُّمٌ. وَأُوثِرَ قَوْلُهُ: فِي غَفْلَةٍ عَلَى أَنْ يُقَالَ غَافِلًا لِلدَّلَالَةِ عَلَى تَمَكُّنِ الْغَفْلَةِ مِنْهُ وَلِذَلِكَ اسْتَتْبَعَ تَمْثِيلَهَا بِالْغِطَاءِ.

وَكَشْفُ الْغِطَاءِ تَمْثِيلٌ لِحُصُولِ الْيَقِينِ بِالشَّيْءِ بَعْدَ إِنْكَارِ وُقُوعِهِ، أَيْ كَشَفْنَا عَنْكَ الْغِطَاءَ الَّذِي كَانَ يَحْجُبُ عَنْكَ وُقُوعَ هَذَا الْيَوْمِ بِمَا فِيهِ، وَأُسْنِدَ الْكَشْفُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّهُ الَّذِي أَظْهَرَ لَهَا أَسْبَابَ حُصُولِ الْيَقِينِ بِشَوَاهِدِ عَيْنِ الْيَقِينِ. وَأُضِيفَ (غِطَاءَ) إِلَى ضَمِيرِ الْإِنْسَانِ الْمُخَاطِبِ لِلدَّلَالَةِ عَلَى اخْتِصَاصِهِ بِهِ وَأَنَّهُ مِمَّا يُعْرَفُ بِهِ.

وَحِدَّةُ الْبَصَرِ: قُوَّةُ نَفَاذِهِ فِي الْمَرْئِيِّ، وَحِدَّةُ كُلِّ شَيْءِ قُوَّةُ مَفْعُولِهِ، وَمِنْهُ حِدَّةُ الذِّهْنِ، وَالْكَلَامُ يَتَضَمَّنُ تَشْبِيهَ حُصُولِ الْيَقِينِ بِرُؤْيَةِ الْمَرْئِيِّ بِبَصَرٍ قَوِيٍّ، وَتَقْيِيدُهُ بِقَوْلِهِ: الْيَوْمَ تَعْرِيضٌ بِالتَّوْبِيخِ، أَيْ لَيْسَ حَالُكَ الْيَوْمَ كَحَالِكَ قَبْلَ الْيَوْمِ إِذْ كُنْتَ فِي الدُّنْيَا مُنْكِرًا لِلْبَعْثِ.

وَالْمَعْنَى: فَقَدْ شَاهَدْتَ الْبَعْثَ وَالْحَشْرَ وَالْجَزَاءَ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا يُنْكِرُونَ ذَلِكَ كُله، قَالُوا أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَدِينُونَ [الصافات: ٥٣] وَقَالُوا: وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ [الصافات: ٥٩] فَقَدْ رَأَى الْعَذَاب ببصره.

[٢٣]

[سُورَة ق (٥٠) : آيَة ٢٣]

وَقالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ (٢٣)

الْوَاوُ وَاوُ الْحَالِ وَالْجُمْلَةُ حَالٌ مِنْ تَاءِ الْخِطَابِ فِي قَوْلِهِ: لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ

هَذَا [ق: ٢٢]