للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

- ٧٦٤ -

وَرُبمَا نقل ابْن عاشور شَيْئا من كَلَام الْحُكَمَاء والفلاسفة هُوَ فِي غنى عَنهُ وَمن ذَلِك قَوْله:

وَالصَّوْم بِمَعْنى إقلال تنَاول الطَّعَام عَن الْمُقدر الَّذِي يبلغ حد الشِّبَع أَو ترك بعض المأكل: أصل قديم من أصُول التَّقْوَى لَدَى المليين ولدى الْحُكَمَاء الإشراقيين، وَالْحكمَة الإشراقية مبناها على تَزْكِيَة النَّفس بِإِزَالَة كدرات البهيمية عَنْهَا بِقدر الْإِمْكَان، بِنَاء على أَن للْإنْسَان قوتين: إِحْدَاهمَا روحانية منبتة فِي قرارتها من الجسمانية كلهَا.

ثَانِي عشر: موقفه من المواعظ والآداب:

أفرد المُصَنّف الْمُقدمَة الرَّابِعَة: فِيمَا يحِق أَن يكون غَرَض الْمُفَسّر فَذكر ثَمَانِيَة أُمُور وَهِي إصْلَاح الِاعْتِقَاد وتهذيب الْأَخْلَاق والتشريع وسياسة الْأمة والتأسي بأخبار الْأُمَم والتعلم والوعظ والإعجاز بِالْقُرْآنِ. كَمَا جعل الْمُقدمَة السَّابِعَة: فِي قصَص الْقُرْآن وفوائده. وَذكر عشر فَوَائِد كَمَا ذكر حِكْمَة تكْرَار الْقِصَّة فِي مَوَاضِع عدَّة. وَلم يظْهر لَهُ اهتمام كَبِير فِي هَذَا الْجَانِب وَمِمَّا وقفت عَلَيْهِ من كَلَامه فِيمَا ينْدَرج تَحْتَهُ إعداده شَجَرَة بتفريعات جَيِّدَة فِي الْأَمْرَاض النفسانية الناشئة عَن النِّفَاق مَبْنِيَّة على الْآيَات وَالْأَحَادِيث ليحذرها الْمُسلم.

إِلَى هُنَا وصلت إِلَى دراسة مَنْهَج المُصَنّف بِصُورَة لَا بَأْس بهَا، وَهَذِه

جملَة من الانتقادات الموجهة لَهُ خلا ماتقدم فِي الحَدِيث عَن الْمنْهَج التفصيلي أدّى إِلَيْهَا الْإِعْجَاب بِهِ أختم بهَا حَدِيثي عَن تَفْسِيره:

فَهُوَ

أَولا: ذُو ثِقَة زَائِدَة بِنَفسِهِ أوقعته فِي مزالق:

فَمن مَوَاقِف ثقته الزَّائِدَة بِنَفسِهِ وتفرده قَوْله:

وَالظَّاهِر أَن المُرَاد بالقبلة المنسوخة وَهِي اسْتِقْبَال بَيت الْمُقَدّس أَعنِي الشرق وَهِي قبْلَة الْيَهُود وَلم يشف أحد من الْمُفَسّرين وَأَسْبَاب النُّزُول الغليل فِي هَذَا على أَن الْمُنَاسبَة بَينهَا وَبَين الْآي الَّذِي قبلهَا غير وَاضِحَة فَاحْتَاجَ بعض الْمُفَسّرين إِلَى تكلّف إبدائها.