للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْأَرْزَاقِ، لِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ قُوَّةٌ لِلْأُمَّةِ يَجْعَلُهَا فِي غِنًى عَنِ الْأُمَمِ الْأُخْرَى وَقَادِرَةً عَلَى حِفْظِ اسْتِقْلَالِهَا وَيَجْعَلُ أُمَمًا كَثِيرَةً تَحْتَاجُ إِلَيْهَا.

وإِلى قُوَّتِكُمْ مُتَعَلِّقٌ بِ يَزِدْكُمْ. وَإِنَّمَا عُدِّيَ بِ إِلى لِتَضْمِينِهِ مَعْنَى يَضُمُّ. وَهَذَا وَعْدٌ لَهُمْ بِصَلَاحِ الْحَالِ فِي الدُّنْيَا- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ-.

وَعَطَفَ عَلَيْهِ وَلا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ تَحْذِيرًا مِنَ الرُّجُوعِ إِلَى الشِّرْكِ.

وَالتَّوَلِّي: الِانْصِرَافُ. وَهُوَ هُنَا مَجَازٌ عَنِ الْإِعْرَاضِ.

ومُجْرِمِينَ حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ تَتَوَلَّوْا أَيْ مُتَّصِفِينَ بِالْإِجْرَامِ، وَهُوَ الْإِعْرَاضُ عَنْ قَبُولِ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى.

[٥٣- ٥٦]

[سُورَة هود (١١) : الْآيَات ٥٣ الى ٥٦]

قالُوا يَا هُودُ مَا جِئْتَنا بِبَيِّنَةٍ وَما نَحْنُ بِتارِكِي آلِهَتِنا عَنْ قَوْلِكَ وَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ (٥٣) إِنْ نَقُولُ إِلاَّ اعْتَراكَ بَعْضُ آلِهَتِنا بِسُوءٍ قالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (٥٤) مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ (٥٥) إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٥٦)

قالُوا يَا هُودُ مَا جِئْتَنا بِبَيِّنَةٍ وَما نَحْنُ بِتارِكِي آلِهَتِنا عَنْ قَوْلِكَ وَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ (٥٣) إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَراكَ بَعْضُ آلِهَتِنا بِسُوءٍ.

مُحَاوَرَةٌ مِنْهُمْ لِهُودٍ- عَلَيْهِ السَّلَامُ- بِجَوَابٍ عَنْ دَعْوَتِهِ، وَلِذَلِكَ جُرِّدَتِ الْجُمْلَةُ عَنِ الْعَاطِفِ.

وَافْتِتَاحُ كَلَامِهِمْ بِالنِّدَاءِ يُشِيرُ إِلَى الِاهْتِمَامِ بِمَا سَيَقُولُونَهُ، وَأَنَّهُ جَدِيرٌ بِأَنْ يُتَنَبَّهَ لَهُ لِأَنَّهُمْ نَزَّلُوهُ مَنْزِلَةَ الْبَعِيدِ لِغَفْلَتِهِ فَنَادَوْهُ، فَهُوَ مُسْتَعْمَلٌ فِي مَعْنَاهُ الْكِنَائِيِّ أَيْضًا. وَقَدْ يَكُونُ مُرَادًا مِنْهُ مَعَ ذَلِكَ تَوْبِيخُهُ وَلَوْمُهُ فَيَكُونُ كِنَايَةً ثَانِيَةً، أَوِ اسْتِعْمَالُ النِّدَاءِ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ.

وَقَوْلُهُمْ: مَا جِئْتَنا بِبَيِّنَةٍ بُهْتَانٌ لِأَنَّهُ أَتَاهُمْ بِمُعْجِزَاتٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَتِلْكَ عادٌ جَحَدُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ [هود: ٥٩] وَإِنْ كَانَ الْقُرْآنُ لَمْ يَذْكُرْ آيَةً مُعَيَّنَةً لِهُودٍ- عَلَيْهِ