وَقَوْلُ مُوسَى: لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً لَوْمٌ، أَيْ كَانَ فِي مُكْنَتِكَ أَنْ تَجْعَلَ لِنَفْسِكَ أَجْرًا عَلَى إِقَامَةِ الْجِدَارِ تَأْخُذُهُ مِمَّنْ يَمْلِكُهُ مِنْ أَهْلِ الْقَرْيَةِ وَلَا تُقِيمُهُ مَجَّانًا لِأَنَّهُمْ لَمْ يَقُومُوا بِحَقِّ الضِّيَافَةِ وَنَحْنُ بِحَاجَةٍ إِلَى مَا نُنْفِقُهُ عَلَى أَنْفُسِنَا، وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ نَفَقَةَ الْأَتْبَاعِ عَلَى الْمَتْبُوعِ.
وَهَذَا اللَّوْمُ يَتَضَمَّنُ سُؤَالًا عَنْ سَبَبِ تَرْكِ الْمُشَارَطَةِ عَلَى إِقَامَةِ الْجِدَارِ عِنْدَ الْحَاجَةِ
إِلَى الْأَجْرِ، وَلَيْسَ هُوَ لَوْمًا عَلَى مُجَرَّدِ إِقَامَتِهِ مَجَّانًا، لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِ الْخَيْرِ وَهُوَ غَيْرُ مَلُومٍ.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ لَاتَّخَذْتَ- بِهَمْزَةِ وَصْلٍ بَعْدَ اللَّامِ وَبِتَشْدِيدِ الْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ- عَلَى أَنَّهُ مَاضِي (اتَّخَذَ) .
وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ، وَأَبُو عَمْرٍو، وَيَعْقُوبُ لَتَخِذْتَ بِدُونِ هَمْزَةٍ عَلَى أَنَّهُ مَاضِي (تَخِذَ) الْمُفْتَتَحُ بِتَاءٍ فَوْقِيَّةٍ عَلَى أَنَّهُ مَاضِي (تَخِذَ) أَوَّلُهُ فَوْقِيَّةٌ، وَهُوَ مِنْ بَاب علم.
[٧٨- ٨٢]
[سُورَة الْكَهْف (١٨) : الْآيَات ٧٨ إِلَى ٨٢]
قالَ هَذَا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً (٧٨) أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً (٧٩) وَأَمَّا الْغُلامُ فَكانَ أَبَواهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينا أَنْ يُرْهِقَهُما طُغْياناً وَكُفْراً (٨٠) فَأَرَدْنا أَنْ يُبْدِلَهُما رَبُّهُما خَيْراً مِنْهُ زَكاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً (٨١) وَأَمَّا الْجِدارُ فَكانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما وَكانَ أَبُوهُما صالِحاً فَأَرادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغا أَشُدَّهُما وَيَسْتَخْرِجا كَنزَهُما رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَما فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute