النَّارِ» ، فَمَا زَالُوا حَتَّى خَمَدَتِ النَّارُ فَسَكَنَ غَضَبُهُ فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيءَ فَقَالَ: «لَوْ دَخَلُوهَا مَا خَرَجُوا مِنْهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ»
. فَقَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ: نَزَلَتْ فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ، يَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ نَزَلَتْ حِينَ تَعْيِينِهِ أَمِيرًا عَلَى السَّرِيَّةِ وَأَنَّ الْأَمْرَ الَّذِي فِيهَا هُوَ الَّذِي أَوْجَبَ تَرَدُّدَ أَهْلِ السَّرِيَّةِ فِي الدُّخُولِ فِي النَّارِ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهَا نَزَلَتْ بَعْدَ مَا بَلَغَ خَبَرُهُمْ رَسُولَ اللَّهِ، فَيَكُونُ الْمَقْصُودُ مِنْهَا هُوَ قَوْلُهُ:
فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ إِلَخْ، وَيَكُونُ ابْتِدَاؤُهَا بِالْأَمْرِ بِالطَّاعَةِ لِئَلَّا يَظُنَّ أَنَّ مَا فَعَلَهُ ذَلِكَ الْأَمِيرُ يُبْطِلُ الْأَمر بِالطَّاعَةِ.
[٦٠، ٦١]
[سُورَة النِّسَاء (٤) : الْآيَات ٦٠ إِلَى ٦١]
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً (٦٠) وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا إِلى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً (٦١)
اسْتِئْنَافٌ ابْتِدَائِيٌّ لِلتَّعْجِيبِ مِنْ حَالِ هَؤُلَاءِ، نَاسَبَ الِانْتِقَالَ إِلَيْهِ مِنْ مَضْمُونِ جُمْلَةِ: إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ [النِّسَاء: ٥٩] . وَالْمَوْصُولُ مُرَادٌ بِهِ قَوْمٌ مَعْرُوفُونَ وَهُمْ فَرِيقٌ مِنَ
الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ كَانُوا مِنَ الْيَهُودِ وَأَظْهَرُوا الْإِسْلَامَ لِقَوْلِهِ: رَأَيْتَ الْمُنافِقِينَ يَصُدُّونَ، وَلِذَلِكَ قَالَ: يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ. وَقَدِ اخْتَلَفَتِ الرِّوَايَاتُ فِي سَبَبِ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ اخْتِلَافًا مُتَقَارِبًا: فَعَنْ قَتَادَةَ وَالشَّعْبِيِّ أَنَّ يَهُودِيًّا اخْتَصَمَ مَعَ مُنَافِقٍ اسْمُهُ بِشْرٌ فَدَعَا الْيَهُودِيُّ الْمُنَافِقَ إِلَى التَّحَاكُمِ عِنْدَ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعِلْمِهِ أَنَّهُ لَا يَأْخُذُ الرِّشْوَةَ وَلَا يَجُورُ فِي الْحُكْمِ، وَدَعَا الْمُنَافِقُ إِلَى التَّحَاكُمِ عِنْدَ كَاهِنٍ مِنْ جُهَيْنَةَ كَانَ بِالْمَدِينَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute