للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلَامُ لَهُمْ أَعْمالٌ لِلِاخْتِصَاصِ. وَتَقْدِيمُ الْمَجْرُورِ بِهَا عَلَى الْمَبْدَأِ لِقَصْرِ الْمُسْنَدِ إِلَيْهِ عَلَى الْمُسْنَدِ، أَيْ لَهُمْ أَعْمَالٌ لَا يَعْمَلُونَ غَيْرَهَا مِنْ أَعْمَالِ الْإِيمَانِ وَالْخَيْرَاتِ.

وَوَصْفُ أَعْمالٌ بِجُمْلَةِ هُمْ لَها عامِلُونَ لِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّهُمْ مُسْتَمِرُّونَ عَلَيْهَا لَا يُقْلِعُونَ عَنْهَا لِأَنَّهُمْ ضُرُّوا بِهَا لِكَثْرَةِ انْغِمَاسِهِمْ فِيهَا.

وَجِيءَ بِالْجُمْلَةِ الِاسْمِيَّةِ لِإِفَادَةِ الدَّوَامِ عَلَى تِلْكَ الْأَعْمَالِ وَثَبَاتِهِمْ عَلَيْهَا.

وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ تَقْدِيمُ لَها عَلَى عامِلُونَ لِإِفَادَةِ الِاخْتِصَاصِ لِقَصْرِ الْقَلْبِ، أَيْ لَا يَعْمَلُونَ غَيْرَهَا مِنَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ الَّتِي دُعُوا إِلَيْهَا. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِلرِّعَايَةِ عَلَى الْفَاصِلَةِ لِأَنَّ الْقَصْرَ قَدْ أُفِيدَ بِتَقْدِيمِ الْمسند إِلَيْهِ.

[٦٤- ٦٧]

[سُورَة الْمُؤْمِنُونَ (٢٣) : الْآيَات ٦٤ إِلَى ٦٧]

حَتَّى إِذا أَخَذْنا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذابِ إِذا هُمْ يَجْأَرُونَ (٦٤) لَا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ إِنَّكُمْ مِنَّا لَا تُنْصَرُونَ (٦٥) قَدْ كانَتْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ تَنْكِصُونَ (٦٦) مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سامِراً تَهْجُرُونَ (٦٧)

حَتَّى ابْتِدَائِيَّةٌ. وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا فِي سُورَةِ الْأَنْبِيَاءِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: حَتَّى إِذا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ [الْأَنْبِيَاء: ٩٦] .

وَ (حَتَّى) الِابْتِدَائِيَّةُ. يَكُونُ مَا بَعْدَهَا ابْتِدَاءَ كَلَامٍ، فَلَيْسَ الدَّالُّ عَلَى الْغَايَةِ لَفْظًا مُفْرَدًا كَمَا هُوَ الشَّأْنُ مَعَ (حَتَّى) الْجَارَّةِ وَ (حَتَّى) الْعَاطِفَةِ، بَلْ هِيَ غَايَةٌ يَدُلُّ عَلَيْهَا الْمَقَامُ وَالْأَكْثَرُ أَنْ تَكُونَ فِي مَعْنَى التَّفْرِيعِ.

وَبِهَذِهِ الْغَايَةِ صَارَ الْكَلَامُ تَهْدِيدًا لَهُمْ بِعَذَابٍ سَيَحِلُّ بِهِمْ يَجْأَرُونَ مِنْهُ وَلَا مَلْجَأَ لَهُمْ مِنْهُ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ عَذَابٌ فِي الدُّنْيَا بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ: وَلَوْ رَحِمْناهُمْ وَكَشَفْنا مَا بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ

لَلَجُّوا فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ

[الْمُؤْمِنُونَ: ٧٥] .