وَالْأَجْرُ: الْجَزَاءُ النَّافِعُ، عَنِ الْعَمَلِ الصَّالِحِ، أَوْ هُوَ مَا يُعْطَوْنَهُ مِنْ نَعِيمِ الْجَنَّةِ.
وَالْمَمْنُونُ: مَفْعُولٌ مِنَ الْمَنِّ، وَهُوَ ذِكْرُ النِّعْمَةِ لِلْمُنْعَمِ عَلَيْهِ بِهَا، وَالتَّقْدِيرُ غَيْرُ مَمْنُونٍ بِهِ عَلَيْهِمْ، وَذَلِكَ كِنَايَةٌ عَنْ كَوْنِهِمْ أُعْطُوهُ شُكْرًا لَهُمْ عَلَى مَا أَسْلَفُوهُ مِنْ عَمَلٍ صَالِحٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ، يَعْنِي: أَنَّ الْإِنْعَامَ عَلَيْهِمْ فِي الْجَنَّةِ تُرَافِقُهُ الْكَرَامَةُ وَالثَّنَاءُ فَلَا يُحِسُّونَ بِخَجَلِ الْعَطَاءِ، وَهُوَ مِنْ قَبِيلِ قَوْلِهِ: لَا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى [الْبَقَرَة: ٢٦٤] ، فَأَجْرُهُمْ بِمَنْزِلَةِ الشَّيْءِ الْمَمْلُوكِ لَهُمُ الَّذِي لَمْ يُعْطِهِ إِيَّاهُمْ أَحَدٌ وَذَلِكَ تَفَضُّلٌ مِنَ اللَّهِ، وَقَرِيبٌ مِنْهُ قَوْلُ لَبِيدٍ:
غُضْفٌ كَوَاسِبُ لَا يُمَنُّ طَعَامُهَا أَيْ تَأْخُذُ طَعَامَهَا بِأَنْفُسِهَا فَلَا مِنَّةَ لأحد عَلَيْهَا.
[٩]
[سُورَة فصلت (٤١) : آيَة ٩]
قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْداداً ذلِكَ رَبُّ الْعالَمِينَ (٩)
بَعْدَ أَنْ أَمَرَ الله رَسُوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُجِيبَ الْمُشْرِكِينَ بِأَنَّهُ بَشَرٌ يُوحَى إِلَيْهِ فَمَا يَمْلِكُ إِلْجَاءَهُمْ إِلَى الْإِيمَانِ أَمَرَهُ عَقِبَ ذَلِكَ بِمُعَاوَدَةِ إِرْشَادِهِمْ إِلَى الْحَقِّ عَلَى طَرِيقَةِ الِاسْتِفْهَامِ عَنْ كُفْرِهِمْ بِاللَّهِ، مُدْمِجًا فِي ذَلِكَ تَذْكِيرَهُمْ بِالْأَدِلَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّ اللَّهَ وَاحِدٌ، بِطَرِيقَةِ التَّوْبِيخِ عَلَى إِشْرَاكِهِمْ بِهِ فِي حِينِ وُضُوحِ الدَّلَائِلِ عَلَى انْفِرَادِهِ بِالْخَلْقِ وَاتِّصَافِهِ بِتَمَامِ الْقُدْرَةِ وَالْعِلْمِ.
فَجُمْلَةُ قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ إِلَى آخِرِهَا اسْتِئْنَافٌ ابْتِدَائِيٌّ ثَانٍ هُوَ جَوَابٌ ثَانٍ عَنْ مَضْمُونِ قَوْلِهِمْ: إِنَّنا عامِلُونَ [فصلت: ٥] .
وَهَمْزَةُ الِاسْتِفْهَامِ الْمُفْتَتَحُ بِهَا الْكَلَامُ مُسْتَعْمَلَةٌ فِي التَّوْبِيخِ فَقَوْلُهُ: أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ كَقَوْلِهِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [٢٨] كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ.
وَفِي الِافْتِتَاحِ بِالِاسْتِفْهَامِ وَحَرْفَيِ التَّوْكِيدِ تَشْوِيقٌ لِتَلَقِّي مَا بَعْدَ ذَلِكَ لِدَلَالَةِ ذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute