وَجُمْلَةُ: قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ اسْتِئْنَافٌ وَفَذْلَكَةٌ لِمَا تَقَدَّمَ. وَالْمُرَادُ بِالْآيَاتِ آيَاتُ الْقُرْآنِ. وَمِنْ رَشَاقَةِ لَفْظِ الْآياتِ هُنَا أَنَّ فِيهِ تَوْرِيَةً بِآيَاتِ الطَّرِيقِ الَّتِي يَهْتَدِي بِهَا السَّائِرُ.
وَاللَّامُ فِي: لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ لِلْعِلَّةِ، أَيْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِأَجْلِهِمْ لِأَنَّهُمُ الَّذِينَ يَنْتَفِعُونَ بِتَفْصِيلِهَا. وَالْمُرَادُ بِالْقَوْمِ الْمُسْلِمُونَ، لِأَنَّهُمُ الَّذِينَ أَفَادَتْهُمُ الْآيَاتُ وتذكّروا بهَا.
[١٢٧]
[سُورَة الْأَنْعَام (٦) : آيَة ١٢٧]
لَهُمْ دارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٢٧)
الضَّمِيرُ فِي: لَهُمْ دارُ السَّلامِ عَائِد إِلَى لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ [الْأَنْعَام: ١٢٦] .
وَالْجُمْلَةُ إِمَّا مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا: لِأَنَّ الثَّنَاءَ عَلَيْهِمْ بِأَنَّهُمْ فُصِّلَتْ لَهُمُ الْآيَاتُ وَيَتَذَكَّرُونَ بِهَا يُثِيرُ سُؤَالَ مَنْ يَسْأَلُ عَنْ أَثَرِ تَبْيِينِ الْآيَاتِ لَهُمْ وَتَذَكُّرِهُمْ بِهَا، فَقِيلَ: لَهُمْ دارُ السَّلامِ.
وَإِمَّا صِفَةٌ: لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ [الْأَنْعَام: ١٢٦] . وَتَقْدِيمُ الْمَجْرُورِ لِإِفَادَةِ الِاخْتِصَاصِ لِلْقَوْمِ الَّذِينَ يَذَّكَّرُونَ لَا لِغَيْرِهِمْ.
وَالدَّارُ: مَكَانُ الْحُلُولِ وَالْإِقَامَةِ، تُرَادِفُ أَوْ تُقَارِبُ الْمَحَلَّ مِنَ الْحُلُولِ، وَهُوَ مُؤَنَّثٌ تَقْدِيرًا فَيُصَغَّرُ عَلَى دُوَيْرَةٍ. وَالدَّارُ مُشْتَقَّةٌ مِنْ فِعْلِ دَارَ يَدُورُ لِكَثْرَةِ دَوَرَانِ أَهْلِهَا، وَيُقَالُ لَهَا:
دَارَةٌ، وَلَكِنَّ الْمَشْهُورَ فِي الدَّارَةِ أَنَّهَا الْأَرْضُ الْوَاسِعَةُ بَيْنَ جِبَالٍ.
وَالسَّلَامُ: الْأَمَانُ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الْأَمَانُ الْكَامِلُ الَّذِي لَا يَعْتَرِي صَاحِبَهُ شَيْءٌ مِمَّا يَخَافُ مِنَ الْمَوْجُودَاتِ جَوَاهِرُهَا وَأَعْرَاضُهَا، فَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute