للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أَغْرَاضُهَا

اشْتَمَلَتْ هَذِهِ السُّورَةُ عَلَى التَّنْوِيهِ بِشَأْنِ الْقُرْآنِ وَالتَّعْرِيضِ بِأَنَّ بُلَغَاءَ الْمُشْرِكِينَ عَاجِزُونَ عَنِ الْإِتْيَانِ بِسُورَةٍ مِثْلِهِ. وَعَلَى تَفْصِيلِ مَا أُجْمِلَ فِي سُورَةِ الشُّعَرَاءِ [١٨، ١٩] مِنْ قَوْلِ فِرْعَوْنَ لِمُوسَى أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً إِلَى قَوْلِهِ وَأَنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ فَفَصَّلَتْ سُورَةُ الْقَصَصِ كَيْفَ كَانَتْ تَرْبِيَةُ مُوسَى فِي آلِ فِرْعَوْنَ.

وَبَيَّنَ فِيهَا سَبَبَ زَوَالِ مُلْكِ فِرْعَوْنَ.

وَفِيهَا تَفْصِيلُ مَا أُجْمِلَ فِي سُورَةِ النَّمْلِ [٧] مِنْ قَوْلِهِ إِذْ قالَ مُوسى لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ نَارًا فَفَصَّلَتْ سُورَةُ الْقَصَصِ كَيْفَ سَارَ مُوسَى وَأَهْلُهُ وَأَيْنَ آنَسَ النَّارَ وَوَصْفَ الْمَكَانِ الَّذِي نُودِيَ فِيهِ بِالْوَحْيِ إِلَى أَنْ ذَكَرَتْ دَعْوَةَ مُوسَى فِرْعَوْنَ فَكَانَتْ هَذِهِ السُّورَةُ أَوْعَبَ لِأَحْوَالِ نَشْأَةِ مُوسَى إِلَى وَقْتِ إِبْلَاغِهِ الدَّعْوَةَ ثُمَّ أَجْمَلَتْ مَا بَعْدَ ذَلِكَ لِأَنَّ تَفْصِيلَهُ فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ وَفِي سُورَةِ الشُّعَرَاءِ. وَالْمَقْصُودُ مِنَ التَّفْصِيلِ مَا يَتَضَمَّنُهُ مِنْ زِيَادَةِ الْمَوَاعِظِ وَالْعِبَرِ.

وَإِذْ قَدْ كَانَ سَوْقُ تِلْكَ الْقِصَّةِ إِنَّمَا هُوَ لِلْعِبْرَةِ وَالْمَوْعِظَةِ لِيَعْلَمَ الْمُشْرِكُونَ سُنَّةَ اللَّهِ فِي بِعْثَةِ الرُّسُلَ وَمُعَامَلَتِهِ الْأُمَمَ الْمُكَذِّبَةَ لِرُسُلِهَا.

وَتَحَدَّى الْمُشْرِكِينَ بِعِلْمِ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ وَهُوَ أُمِّيٌّ لَمْ يَقْرَأْ وَلَمْ يَكْتُبْ وَلَا خَالَطَ أَهْلَ الْكِتَابِ، ذَيَّلَ اللَّهُ ذَلِكَ بِتَنْبِيهِ الْمُشْرِكِينَ إِلَيْهِ وَتَحْذِيرِهِمْ مِنْ سُوءِ عَاقِبَةِ الشِّرْكِ وَأَنْذَرَهُمْ إِنْذَارًا بَلِيغًا.

وَفَنَّدَ قَوْلَهُمْ لَوْلا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسى [الْقَصَص: ٤٨] مِنَ الْخَوَارِقِ كَقَلْبِ الْعَصَا حَيَّةً ثُمَّ انْتِقَاضِهِمْ فِي قَوْلِهِمْ إِذْ كَذَّبُوا مُوسَى أَيْضًا.

وَتَحَدَّاهُمْ بِإِعْجَازِ الْقُرْآنِ وَهَدْيِهِ مَعَ هَدْيِ التَّوْرَاةِ.

وَأَبْطَلَ مَعَاذِيرَهُمْ ثُمَّ أَنْذَرَهُمْ بِمَا حَلَّ بِالْأُمَمِ الْمُكَذِّبَةِ رُسُلَ اللَّهِ.

وَسَاقَ لَهُمْ أَدِلَّةً عَلَى وَحْدَانِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى وَفِيهَا كُلُّهَا نِعَمٌ عَلَيْهِمْ وَذَكَّرَهُمْ بِمَا سَيَحِلُّ بِهِمْ يَوْمَ الْجَزَاءِ.