عَنْهُ وَعَنْ إِسْمَاعِيلَ: رَبَّنا وَاجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ [الْبَقَرَة: ١٢٨] .
وَحَكَى عَنْهُ وَعَنْ يَعْقُوبَ قَوْلَهُمَا: فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [الْبَقَرَة: ١٣٢] وَقَالَ سُلَيْمَانُ: وَكُنَّا مُسْلِمِينَ [النَّمْل: ٤٢] .
وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [١٣٢] .
وَالْإِشَارَةُ بِذَلِكَ إِلَى الَّذِي أُمِرُوا بِهِ أَيْ مَجْمُوعُ مَا ذُكِرَ هُوَ دِينُ الْإِسْلَامِ، أَيْ هُوَ الَّذِي دَعَاهُمْ إِلَيْهِ الْإِسْلَامُ فَحَسِبُوهُ نَقْضًا لِدِينِهِمْ، فَيَكُونُ مَهْيَعُ الْآيَةِ مِثْلَ قَوْلِهِ تَعَالَى: قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ [آل عمرَان: ٦٤] وَقَوْلِهِ: قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ [الْمَائِدَة: ٥٩] .
وَالْمَقْصُودُ إِقَامَةُ الْحُجَّةِ عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ وَعَلَى الْمُشْرِكِينَ تَبَعًا لَهُمْ بِأَنَّهُمْ أَعْرَضُوا
عَمَّا هُمْ يَتَطَلَّبُونَهُ فَإِنَّهُمْ جَمِيعًا مُقِرُّونَ بِأَنَّ الْحَنِيفِيَّةَ هِيَ الْحَقُّ الَّذِي أُقِيمَتْ عَلَيْهِ الْمُوسَوِيَّةُ وَالْعِيسَوِيَّةُ، وَالْمُشْرِكُونَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ يَطْلُبُونَ الْحَنِيفِيَّةَ وَيَأْخُذُونَ بِمَا أَدْرَكُوهُ مِنْ بَقَايَاهَا وَيَزْعُمُونَ أَنَّ الْيَهُودِيَّةَ وَالنَّصْرَانِيَّةَ تَحْرِيفٌ لِلْحَنِيفِيَّةِ، فَلِذَلِكَ كَانَ عَامَّةُ الْعَرَبِ غَيْرَ مُتَهَوِّدِينَ وَلَا مُتَنَصِّرِينَ وَيَتَمَسَّكُونَ بِمَا وَجَدُوا آبَاءَهُمْ مُتَمَسِّكِينَ بِهِ وَقَلَّ مِنْهُمْ مَنْ تَهَوَّدُوا أَوْ تَنَصَّرُوا، وَذَهَبَ نَفَرٌ مِنْهُمْ يَتَطَلَّبُونَ آثَارَ الْحَنِيفِيَّةِ مِثْلَ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ، وَأُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ.
وَخَصَّ الضَّمِيرَ بِ «أَهْلِ الْكِتَابِ» لِأَنَّ الْمُشْرِكِينَ لَمْ يُؤْمَرُوا بِذَلِكَ قَبْلَ الْإِسْلَامِ قَالَ تَعَالَى: لِتُنْذِرَ قَوْماً مَا أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ [الْقَصَص: ٤٦] .
[٦]
[سُورَة الْبَيِّنَة (٩٨) : آيَة ٦]
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نارِ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أُولئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ (٦)
بَعْدَ أَنْ أَنَحَى عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مَعًا ثُمَّ خَصَّ أَهْلَ الْكِتَابِ بِالطَّعْنِ فِي تَعَلُّلَاتِهِمْ وَالْإِبْطَالِ لِشُبُهَاتِهِمُ الَّتِي يُتَابِعُهُمُ الْمُشْرِكُونَ عَلَيْهَا. أَعْقَبَهُ بِوَعِيدِ الْفَرِيقَيْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute