للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَعُمُومُ (مَنِ) الشَّرْطِيَّةِ يَشْمَلُ الْمُتَحَدَّثَ عَنْهُمْ بِقَرِينَةِ الْمَقَامِ. وَالْمَعْنَى: أَنَّهُمْ كَانُوا مُهْتَدِينَ لِأَنَّ اللَّهَ هَدَاهُمْ فِيمَنْ هَدَى، تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ تَيْسِيرَ ذَلِكَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ هُوَ أَثَرُ تَيْسِيرِهِمْ لِلْيُسْرَى وَالْهُدَى، فَأَبْلَغَهُمُ الْحَقَّ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِمْ، وَرَزَقَهُمْ أَفْهَامًا تُؤْمِنُ بِالْحَقِّ. وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى نَظِيرِ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ، وَعَلَى كِتَابَةِ الْمُهْتَدِ بِدُونِ يَاءٍ فِي سُورَةِ الْإِسْرَاءِ.

وَالْمُرْشِدُ: الَّذِي يُبَيِّنُ لِلْحَيْرَانِ وَجْهَ الرُّشْدِ، وَهُوَ إِصَابَةُ الْمَطْلُوبِ مِنَ الْخَيْرِ.

[١٨]

[سُورَة الْكَهْف (١٨) : آيَة ١٨]

وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقاظاً وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذاتَ الْيَمِينِ وَذاتَ الشِّمالِ وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِراراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً (١٨)

وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقاظاً وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذاتَ الْيَمِينِ وَذاتَ الشِّمالِ عَطْفٌ عَلَى بَقِيَّةِ الْقِصَّةِ، وَمَا بَيْنَهُمَا اعْتِرَاضٌ. وَالْخِطَابُ فِيهِ كَالْخِطَابِ فِي قَوْلِهِ:

وَتَرَى الشَّمْسَ [الْكَهْف: ١٧] . وَهَذَا انْتِقَالٌ إِلَى مَا فِي حَالِهِمْ مِنَ الْعِبْرَةِ لِمَنْ لَوْ رَآهُمْ مِنَ النَّاسِ مُدْمَجٌ فِيهِ بَيَانُ كَرَامَتِهِمْ وَعَظِيمُ قُدْرَةِ اللَّهِ فِي شَأْنِهِمْ، وَهُوَ تَعْجِيبٌ مِنْ حَالِهِمْ لِمَنْ لَوْ رَآهُ مِنَ النَّاسِ.

وَمَعْنَى حُسْبَانِهِمْ أَيْقَاظًا: أَنَّهُمْ فِي حَالَةٍ تُشْبِهُ حَالَ الْيَقَظَةِ وَتَخَالُفِ حَالَ النَّوْمِ، فَقِيلَ:

كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ مَفْتُوحَةً.

وَصِيغَ فِعْلُ تَحْسَبُهُمْ مُضَارِعًا لِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ يَتَكَرَّرُ مُدَّةً طَوِيلَةً.

وَالْأَيْقَاظُ: جَمْعُ يَقِظٍ، بِوَزْنِ كَتِفٍ، وَبِضَمِّ الْقَافِ بِوَزْنِ عَضُدٍ.

وَالرُّقُودُ: جَمْعُ رَاقِدٍ.

وَالتَّقْلِيبُ: تَغْيِيرُ وَضْعِ الشَّيْءِ مِنْ ظَاهِرِهِ إِلَى بَاطِنِهِ، قَالَ تَعَالَى: فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ [الْكَهْف: ٤٢] .