للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اسْمِ الزَّمَانِ شَائِعٌ فِي كَلَامِهِمْ، بِخِلَافِ انْتِصَابِهَا فِي قَوْله: وَهُمْ بَدَؤُكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ [التَّوْبَة: ١٣] وَفِي قَوْلِهِ: إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً [التَّوْبَة: ٨٠] كَمَا تَقَدَّمَ. وأَوَّلَ مَرَّةٍ هِيَ غَزْوَةُ تَبُوكَ الَّتِي تَخَلَّفُوا عَنْهَا.

وَأَفْعَلُ التَّفْضِيلِ إِذَا أُضِيفَ إِلَى نَكِرَةٍ اقْتَصَرَ عَلَى الْإِفْرَادِ وَالتَّذْكِيرِ وَلَوْ كَانَ الْمُضَافُ إِلَيْهِ غَيْرَ مُفْرَدٍ وَلَا مُذَكَّرٍ لِأَنَّ فِي الْمُضَافِ إِلَيْهِ دَلَالَةً عَلَى الْمَقْصُودِ كَافِيَةً.

وَالْفَاءُ فِي فَاقْعُدُوا تَفْرِيعٌ عَلَى إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ، أَيْ لَمَّا اخْتَرْتُمُ الْقُعُودَ لِأَنْفُسِكُمْ فَاقْعُدُوا الْآنَ لِأَنَّكُمْ تُحِبُّونَ التَّخَلُّفَ.

والْخالِفِينَ جَمْعُ خَالِفٍ وَهُوَ الَّذِي يَخْلُفُ الْغَازِيَ فِي أَهْلِهِ وَكَانُوا يَتْرُكُونَ لِذَلِكَ.

مَنْ لَا غَنَاءَ لَهُ فِي الْحَرْبِ. فَكَوْنُهُمْ مَعَ الْخَالِفِينَ تعيير لَهُم.

[٨٤]

[سُورَة التَّوْبَة (٩) : آيَة ٨٤]

وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَماتُوا وَهُمْ فاسِقُونَ (٨٤)

لَمَّا انْقَضَى الْكَلَامُ عَلَى الِاسْتِغْفَارِ لِلْمُنَافِقِينَ النَّاشِئِ، عَنِ الِاعْتِذَارِ وَالْحَلِفِ الْكَاذِبَيْنِ وَكَانَ الْإِعْلَامُ بِأَنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ لَهُمْ مَشُوبًا بِصُورَةِ التَّخْيِيرِ فِي الِاسْتِغْفَارِ لَهُمْ، وَكَانَ ذَلِكَ يُبْقِي شَيْئًا مِنْ طَمَعِهِمْ فِي الِانْتِفَاعِ بِالِاسْتِغْفَارِ لِأَنَّهُمْ يَحْسَبُونَ الْمُعَامَلَةَ الرَّبَّانِيَّةَ تَجْرِي عَلَى ظَوَاهِرِ الْأَعْمَالِ وَالْأَلْفَاظِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي قَوْلِهِ: فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ [التَّوْبَة: ٨١] ، تَهَيَّأَ الْحَالُ لِلتَّصْرِيحِ بِالنَّهْيِ عَنِ الِاسْتِغْفَارِ لَهُمْ وَالصَّلَاةِ عَلَى مَوْتَاهُمْ، فَإِنَّ الصَّلَاةَ عَلَى الْمَيِّتِ اسْتِغْفَارٌ.

فَجُمْلَةُ وَلا تُصَلِّ عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ [التَّوْبَة: ٨٠] عَطْفُ كَلَامٍ مُرَادٍ إِلْحَاقُهُ بِكَلَامٍ آخَرَ لِأَنَّ الْقُرْآنَ يَنْزِلُ مُرَاعًى فِيهِ مَوَاقِعُ وَضْعِ الْآيِ.

وَضَمِيرُ مِنْهُمْ عَائِدٌ إِلَى الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ عُرِفُوا بِسِيمَاهُمْ وَأَعْمَالِهِمُ الْمَاضِيَةِ الذِّكْرِ.

وَسَبَبُ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ مَا

رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: «لَمَّا مَاتَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ بن سَلُولَ دُعِيَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ