للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَأَطَالَ الْقَوْلَ فِي قِصَّةِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ مَعَ فِرْعَوْنَ، وَفِي تَصَرُّفَاتِ بَنِي إِسْرَائِيلَ مَعَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ.

وَتَخَلَّلَ قِصَّتَهُ بِشَارَةُ اللَّهِ ببعثة محمّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصِفَةِ أُمَّتِهِ وَفَضْلِ دِينِهِ.

ثُمَّ تَخَلَّصَ إِلَى مَوْعِظَةِ الْمُشْرِكِينَ كَيْفَ بَدَّلُوا الْحَنِيفِيَّةَ وَتَقَلَّدُوا الشِّرْكَ، وَضَرَبَ لَهُمْ مَثَلًا بِمَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْآيَاتِ فَوَسْوَسَ لَهُ الشَّيْطَانُ فَانْسَلَخَ عَنِ الْهُدَى.

وَوَصَفَ حَالَ أَهْلِ الضَّلَالَةِ وَوَصَفَ تَكْذِيبَهُمْ بِمَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ وَوَصَفَ آلِهَتَهُمْ بِمَا يُنَافِي الإلاهيّة وَأَنَّ لِلَّهِ الصِّفَاتِ الْحُسْنَى صِفَاتِ الْكَمَالِ.

ثُمَّ أَمَرَ اللَّهُ رَسُولَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَالْمُسْلِمِينَ بِسَعَةِ الصَّدْرِ وَالْمُدَاوَمَةِ عَلَى الدَّعْوَةِ وَحَذَّرَهُمْ مِنْ مَدَاخِلِ الشَّيْطَانِ بِمُرَاقَبَةِ اللَّهِ بِذِكْرِهِ سِرًّا وَجَهْرًا وَالْإِقْبَالِ على عِبَادَته.

[١]

[سُورَة الْأَعْرَاف (٧) : آيَة ١]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

المص (١)

هَذِهِ الْحُرُوفُ الْأَرْبَعَةُ الْمُقَطَّعَةُ الَّتِي افْتُتِحَتْ بِهَا هَاتِهِ السُّورَةُ، يُنْطَقُ بِأَسْمَائِهَا (أَلِفْ- لَامْ- مِيمْ- صَادْ) كَمَا يَنْطِقُ بِالْحُرُوفِ مُلَقِّنُ الْمُتَعَلِّمِينَ لِلْهِجَاءِ فِي الْمَكْتَبِ، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِهَا أَسْمَاءُ الْحُرُوفِ لَا مُسَمَّيَاتُهَا وَأَشْكَالُهَا، كَمَا أَنَّكَ إِذَا أَخْبَرْتَ عَنْ أَحَدٍ بِخَبَرٍ تَذْكُرُ اسْمَ الْمُخْبَرِ عَنْهُ دُونَ أَنْ تَعْرِضَ صُورَتَهُ أَوْ ذَاتَهُ، فَتَقُولُ مَثَلًا: لَقِيتُ زَيْدًا، وَلَا تَقُولُ: لَقِيتُ هَذِهِ الصُّورَةَ، وَلَا لَقِيتُ هَذِهِ الذَّاتَ.

فَالنُّطْقُ بِأَسْمَاءِ الْحُرُوفِ هُوَ مُقْتَضَى وُقُوعِهَا فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ الَّتِي افْتُتِحَتْ بِهَا، لقصد التّعريض بتعجيز الَّذِينَ أَنْكَرُوا نُزُولَ الْقُرْآنِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَعَالَى، أَيْ تَعْجِيزِ بُلَغَائِهِمْ عَنْ

مُعَارَضَتِهِ بِمِثْلِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ.