إِنَّ قَوْلَهُ: وَما كانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا [مَرْيَم: ٢٨] مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ، أَيْ بَاغِيَةٌ. وَقِيلَ: أَصْلُهُ فَعُولٌ بَغُويٌ فَوَقَعَ إِبْدَالٌ وَإِدْغَامٌ. وَتَأَوَّلَ الزَّمَخْشَرِيُّ مَا هُنَا عَلَى أَنَّهُ صِفَةٌ لِمَحْذُوفٍ، أَيْ بِمَكَانٍ بَعِيدٍ، أَوْ بِشَيْء بعيد عَن الِاحْتِمَالَيْنِ فِي مُعَادِ ضمير هِيَ.
[٨٤- ٨٦]
[سُورَة هود (١١) : الْآيَات ٨٤ إِلَى ٨٦]
وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً قالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ وَلا تَنْقُصُوا الْمِكْيالَ وَالْمِيزانَ إِنِّي أَراكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ (٨٤) وَيا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيالَ وَالْمِيزانَ بِالْقِسْطِ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (٨٥) بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ (٨٦)
قَوْلُهُ: وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً- إِلَى قَوْلِهِ- مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ نَظِيرُ قَوْلِهِ: وَإِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً [هود: ٦١] إِلَخْ.
أَمَرَهُمْ بِثَلَاثَةِ أُمُورٍ:
أَحَدُهَا: إِصْلَاحُ الِاعْتِقَادِ، وَهُوَ مِنْ إِصْلَاحِ الْعُقُولِ وَالْفِكْرِ.
وَثَالِثُهَا: صَلَاحُ الْأَعْمَالِ وَالتَّصَرُّفَاتِ فِي الْعَالَمِ بِأَنْ لَا يُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ.
وَوَسَّطَ بَيْنَهُمَا الثَّانِي: وَهُوَ شَيْءٌ مِنْ صَلَاحِ الْعَمَلِ خُصَّ بِالنَّهْيِ لِأَنَّ إِقْدَامَهُمْ عَلَيْهِ كَانَ فَاشِيًا فِيهِمْ حَتَّى نَسُوا مَا فِيهِ مِنْ قُبْحٍ وَفَسَادٍ، وَهَذَا هُوَ الْكَفُّ عَنْ نَقْصِ الْمِكْيَالِ وَالْمِيزَانِ.
فَابْتَدَأَ بِالْأَمْرِ بِالتَّوْحِيدِ لِأَنَّهُ أَصْلُ الصَّلَاحِ ثُمَّ أَعْقَبَهُ بِالنَّهْيِ عَنْ مَظْلَمَةٍ كَانَتْ مُتَفَشِّيَةً فِيهِمْ، وَهِيَ خِيَانَةُ الْمِكْيَالِ وَالْمِيزَانِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي سُورَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute