الْوَعِيدِ لَا يَقْتَضِي إِبْطَالَهُ، وَلِذَلِكَ اقْتُصِرَ فِيهَا عَلَى ذِكْرِ الْإِمْهَالِ ثُمَّ الْأَخْذِ بَعْدَهُ الْمُنَاسِبِ لِلْإِمْلَاءِ مِنْ حَيْثُ أَنَّهُ دُخُولٌ فِي الْقَبْضَةِ بَعْدَ بُعْدِهِ عَنْهَا.
وَأَمَّا عَطْفُ جُمْلَةِ فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها [الْحَج: ٤٥]- بِالْفَاءِ- وَعَطْفُ جُمْلَةِ وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَها وَهِيَ ظالِمَةٌ- بِالْوَاوِ- فَلِأَنَّ الْجُمْلَةَ الْأُولَى وَقَعَتْ بَدَلًا مِنْ جُمْلَةِ فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ [الْحَج: ٤٤] فَقُرِنَتْ- بِالْفَاءِ- الَّتِي دَخَلَتْ نَظِيرَتُهَا عَلَى الْجُمْلَةِ
الْمُبْدَلِ مِنْهَا، وَأَمَّا هَذِهِ الْجُمْلَةُ الثَّانِيَةُ فَخَلِيَّةٌ عَنْ ذَلِكَ فَعُطِفَتْ بِالْحَرْفِ الْأَصْلِيِّ لِلْعَطْفِ.
وَجُمْلَةُ وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ تَذْيِيلٌ، أَيْ مَصِيرُ النَّاسِ كُلِّهِمْ إِلَيَّ. وَالْمَصِيرُ مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ لِ (صَارَ) بِمَعْنَى: رَجَعَ، وَهُوَ رُجُوعٌ مَجَازِيٌّ بِمَعْنَى الْحُصُولِ فِي الْمِكْنَةِ.
وَتَقْدِيمُ الْمَجْرُورِ لِلْحَصْرِ الْحَقِيقِيِّ، أَيْ لَا يَصِيرُ النَّاسُ إِلَّا إِلَى اللَّهِ، وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّ الْمصير إِلَيْهِ كَائِن لَا مَحَالَةَ، وَهُوَ الْمَقْصُودُ مِنَ الْحَصْرِ لِأَنَّ الْحصْر يَقْتَضِي حُصُول الْفِعْل بِالْأَحْرَى فَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ عدم الإفلات.
[٤٩- ٥١]
[سُورَة الْحَج (٢٢) : الْآيَات ٤٩ إِلَى ٥١]
قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّما أَنَا لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٤٩) فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (٥٠) وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ (٥١)
اسْتِئْنَافٌ بَعْدَ الْمَوَاعِظِ السَّالِفَةِ وَالْإِنْذَارَاتِ، وَافْتِتَاحُهُ بِ قُلْ لِلِاهْتِمَامِ بِهِ، وَافْتِتَاحُ الْمَقُولِ بِنِدَاءِ النَّاسِ لِلَفْتِ أَلْبَابِهِمْ إِلَى الْكَلَامِ. وَالْمُخَاطَبُونَ هُمُ الْمُشْرِكُونَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute