الذِّلَّةُ، وَقَدِ اخْتَارَ اللَّهُ أَصْحَاب مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْأُمَمِ فَقَالَ: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ [آل عمرَان: ١١٠] أَيْ أَخْرَجَهَا اللَّهُ لِلنَّاسِ. وَاخْتَارَ الْمُسْلِمِينَ بَعْدَهُمُ اخْتِيَارًا نِسْبِيًّا عَلَى حَسَبِ اسْتِقَامَتِهِمْ وَاسْتِقَامَةِ غَيْرِهِمْ مِنَ الْأُمَمِ عَلَى أَنَّ التَّوْحِيدَ لَا يعدله شَيْء.
[٣٣]
[سُورَة الدُّخان (٤٤) : آيَة ٣٣]
وَآتَيْناهُمْ مِنَ الْآياتِ مَا فِيهِ بَلؤُا مُبِينٌ (٣٣)
إِيتَاءُ الْآيَاتِ مِنْ آثَارِ الِاخْتِيَارِ لِأَنَّهُ مِنْ عِنَايَةِ اللَّهِ بِالْأُمَّةِ لِأَنَّهُ يَزِيدُهُمْ يَقِينًا بِإِيمَانِهِمْ.
وَالْمُرَادُ بِالْآيَاتِ الْمُعْجِزَاتُ الَّتِي ظَهَرَتْ عَلَى يَدِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ أَيَّدَ اللَّهُ بِهِ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي مَوَاقِعِ حُرُوبِهِمْ بِنَصْرِ الْفِئَةِ الْقَلِيلَةِ مِنْهُمْ عَلَى الْجُيُوشِ الْكَثِيرَةِ مَنْ عَدُوِّهِمْ.
وَهَذَا تَعْرِيضٌ بِالْإِنْذَارِ لِلْمُشْرِكِينَ بِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ سَيَغْلِبُونَ جَمْعَهُمْ مَعَ قِلَّتِهِمْ فِي بَدْرٍ وَغَيْرِهَا.
وَالْبَلَاءُ: الِاخْتِبَارُ يَكُونُ بِالْخَيْرِ وَالشَّرِّ. فَالْأَوَّلُ اخْتِبَارٌ لِمُقَابَلَةِ النِّعْمَةِ بِالشُّكْرِ أَوْ غَيْرِهِ، وَالثَّانِي اخْتِبَارٌ لِمِقْدَارِ الصَّبْرِ، قَالَ تَعَالَى: وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً [الْأَنْبِيَاء: ٣٥] أَيْ مَا فِيهِ اخْتِبَارٌ لَهُمْ فِي نَظَرِ النَّاسِ لِيَعْلَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُمْ قَابَلُوا نِعْمَةَ إِيتَاءِ الْآيَاتِ بِالشُّكْرِ، وَيُحَذِّرُوا قَوْمَهُمْ مِنْ مُقَابَلَةِ النِّعْمَة بالكفران.
[٣٤- ٣٦]
[سُورَة الدُّخان (٤٤) : الْآيَات ٣٤ إِلَى ٣٦]
إِنَّ هؤُلاءِ لَيَقُولُونَ (٣٤) إِنْ هِيَ إِلاَّ مَوْتَتُنَا الْأُولى وَما نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ (٣٥) فَأْتُوا بِآبائِنا إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٣٦)
اعْتِرَاضٌ بَيْنَ جُمْلَةِ يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ [الدُّخان: ١٦] وَجُمْلَةِ أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ [الدُّخان: ٣٧] فَإِنَّهُ لَمَّا هَدَّدَهُمْ بِعَذَابِ الدُّخَانِ ثُمَّ بِالْبَطْشَةِ الْكُبْرَى وَضَرَبَ لَهُمُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute