للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَرَأَ نَافِعٌ وَابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو عَمْرٍو وَحَفْصٌ وَأَبُو جَعْفَرٍ وَرَوْحٌ عَنْ يَعْقُوبَ يُؤْمِنُونَ بالتحتية. وقرأه ابْن عَامِرٍ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ وَرُوَيْسٌ عَنْ يَعْقُوبَ بِالتَّاءِ الْفَوْقِيَّةِ فَهُوَ الْتِفَاتٌ.

[٧- ١٠]

[سُورَة الجاثية (٤٥) : الْآيَات ٧ الى ١٠]

وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (٧) يَسْمَعُ آياتِ اللَّهِ تُتْلى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ (٨) وَإِذا عَلِمَ مِنْ آياتِنا شَيْئاً اتَّخَذَها هُزُواً أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ (٩) مِنْ وَرائِهِمْ جَهَنَّمُ وَلا يُغْنِي عَنْهُمْ مَا كَسَبُوا شَيْئاً وَلا مَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِياءَ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (١٠)

وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (٧) يَسْمَعُ آياتِ اللَّهِ تُتْلى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ (٨) وَإِذا عَلِمَ مِنْ آياتِنا شَيْئاً اتَّخَذَها هُزُواً.

أَعْقَبَ ذِكْرَ الْمُؤْمِنِينَ الْمُوقِنِينَ الْعَاقِلِينَ الْمُنْتَفِعِينَ بِدَلَالَةِ آيَاتِ اللَّهِ وَمَا يُفِيدُهُ مَفْهُومُ تِلْكَ الصِّفَاتِ الَّتِي أُجْرِيَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ تَعْرِيضٍ بِالَّذِينِ لَمْ يَنْتَفِعُوا بِهَا، بِصَرِيحِ ذِكْرِ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُؤْمِنُوا وَلَمْ يَعْقِلُوهَا كَمَا وَصَفَ لِذَلِكَ قَوْلَهُ: فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآياتِهِ يُؤْمِنُونَ [الجاثية: ٦] .

وَافْتَتَحَ ذِكْرَهُ بِالْوَيْلِ لَهُ تَعْجِيلًا لِإِنْذَارِهِ وَتَهْدِيدِهِ قَبْلَ ذِكْرِ حَالِهِ. وَ (وَيْلٌ لَهُ) كَلِمَةُ دُعَاءٍ بِالشُّكْرِ وَأَصْلُ الْوَيْلِ الشَّرُّ وَحُلُولُهُ.

وَ (الْأَفَّاكُ) الْقَوِيُّ الْإِفْكِ، أَيِ الْكَذِبِ. وَالْأَثِيمُ مُبَالَغَةٌ أَوْ صِفَةٌ مُشَبَّهَةٌ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى الْمَبَالِغِ فِي اقْتِرَافِ الْآثَامِ، أَيِ الْخَطَايَا. وَفَسَّرَهُ الْفَيْرُوزَآبَادِيُّ فِي «الْقَامُوسِ» بِالْكَذَّابِ وَهُوَ

تَسَامُحٌ وَإِنَّمَا الْكَذِبُ جُزْئِيٌّ مِنْ جُزْئِيَّاتِ الْأَثِيمِ.

وَجُعِلَتْ حَالَتُهُ أَنَّهُ يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا لِأَنَّ تِلْكَ الْحَالَةِ وَهِيَ حَالَةُ تَكَرُّرِ سَمَاعِهِ آيَاتِ اللَّهِ وَتَكَرُّرِ إِصْرَارِهِ مُسْتَكْبِرًا عَنْهَا تَحْمِلُهُ عَلَى تَكْرِيرِ تَكْذِيب الرَّسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَكْرِيرِ الْإِثْمِ، فَلَا جَرَمَ أَنْ يَكُونَ أَفَّاكًا أَثِيمًا بَلْهَ مَا تَلَبَّسَ بِهِ مِنَ الشِّرْكِ الَّذِي كُلُّهُ كَذِبٌ وإثم.

وَالْمرَاد بِكُل أَفَّاكٍ أَثِيمٍ جَمِيعُ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ كَذَّبُوا دَعْوَة الرَّسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَانَدُوا فِي مُعْجِزَةِ الْقُرْآنِ وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ بِهذَا الْقُرْآنِ وَلا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ [سبإ: ٣١]