للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَوْلُهُ: فِي أُمَمٍ حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ عَلَيْهِمُ، أَيْ حَقَّ عَلَيْهِمْ حَالَةَ كَوْنِهِمْ فِي أُمَمٍ أَمْثَالِهِمْ قَدْ سَبَقُوهُمْ. وَالظَّرْفِيَّةُ هُنَا مَجَازِيَّةٌ، وَهِيَ بِمَعْنَى التَّبْعِيضِ، أَيْ هُمْ مِنْ أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ. وَمِثْلُ هَذَا الِاسْتِعْمَالِ قَوْلُ عَمْرِو بْنِ أُذَيْنَةَ:

إِنْ تَكُ عَنْ أَحْسَنِ الصَّنِيعَةِ مَأْفُو ... كَا فَفِي آخَرِينَ قَدْ أُفِكُوا

أَيْ فَأَنْتَ مِنْ جُمْلَةِ آخَرِينَ قَدْ صُرِفُوا عَنْ أَحْسَنِ الصَّنِيعَةِ.

ومِنْ فِي قَوْلِهِ: مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ بَيَانِيَّةٌ، فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بَيَانًا لِ أُمَمٍ، أَيْ مِنْ أُمَمٍ مِنَ الْبَشَرِ وَمِنَ الشَّيَاطِينِ فَيَكُونُ مِثْلَ قَوْلِهِ تَعَالَى: قالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ [ص: ٨٤، ٨٥] ، وَقَوْلِهِ: قالَ ادْخُلُوا فِي

أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فِي النَّارِ

[الْأَعْرَاف: ٣٨] وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بَيَانًا لِ قُرَناءَ أَيْ مُلَازِمِينَ لَهُمْ مُلَازَمَةً خَفِيَّةً وَهِيَ مُلَازَمَةُ الشَّيَاطِينِ لَهُمْ بِالْوَسْوَسَةِ وَمُلَازَمَةُ أَيِمَّةِ الْكُفْرِ لَهُمْ بِالتَّشْرِيعِ لَهُمْ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ.

وَجُمْلَةُ إِنَّهُمْ كانُوا خاسِرِينَ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ بَيَانًا لِلْقَوْلِ مِثْلَ نَظِيرَتِهَا فَحَقَّ عَلَيْنا قَوْلُ رَبِّنا إِنَّا لَذائِقُونَ فِي سُورَةِ الصَّافَّاتِ [٣١] ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مُسْتَأْنَفَةً اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا نَاشِئًا عَنْ جُمْلَةِ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ والمعنيان متقاربان.

[٢٦]

[سُورَة فصلت (٤١) : آيَة ٢٦]

وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ (٢٦)

عُطِفَ عَلَى جُمْلَةِ وَقالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ [فصلت: ٥] عَطْفَ الْقِصَّةِ عَلَى الْقِصَّةِ، وَمُنَاسَبَةُ التَّخَلُّصِ إِلَيْهِ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ مِمَّا يَنْشَأُ عَنْ تَزْيِينِ قُرَنَائِهِمْ مِنَ الْإِنْسِ، أَوْ هُوَ عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ فَزَيَّنُوا لَهُمْ [فصلت: ٢٥] . وَهَذَا حِكَايَةٌ لِحَالٍ أُخْرَى مِنْ أَحْوَالِ إِعْرَاضِهِمْ عَنِ الدَّعْوَةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ بَعْدَ أَنْ وَصَفَ إِعْرَاضَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمُ انْتَقَلَ إِلَى وَصْفِ تَلْقِينِهِمُ النَّاسَ أَسَالِيبَ