للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَحَدُهَا: السِّيَاقُ.

وَالثَّانِي: قَوْلُهُ مَعَها سائِقٌ لِأَنَّ السَّائِقَ يُنَاسِبُ إِزْجَاءَ أَهْلِ الْجَرَائِمِ، وَأَمَّا الْمَهْدِيُّونَ إِلَى الْكَرَامَةِ فَإِنَّمَا يَهْدِيهِمْ قَائِدٌ يَسِيرُ أَمَامَهُمْ قَالَ تَعَالَى: كَأَنَّما يُساقُونَ إِلَى الْمَوْتِ [الْأَنْفَال: ٦] .

وَالثَّالِثُ: قَوْلُهُ بَعْدَهُ لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا [ق: ٢٢] .

وَالرَّابِعُ: قَوْلُهُ بَعْدَهُ وَقالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ [ق: ٢٣] الْآيَةَ.

وَجُمْلَةُ مَعَها سائِقٌ وَشَهِيدٌ بَدَلُ اشْتِمَالٍ مِنْ جُمْلَةِ جاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ. وسائِقٌ مَرْفُوعٌ بِالظَّرْفِ الَّذِي هُوَ مَعَها عَلَى رَأْيِ مَنْ أَجَازَهُ، أَوْ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَعَها. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ جُمْلَةُ مَعَها سائِقٌ وَشَهِيدٌ حَالًا مِنْ كُلُّ نَفْسٍ. وَعَطْفُ وَشَهِيدٌ عَلَى سائِقٌ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ عَطْفِ ذَاتٍ عَلَى ذَاتٍ فَيكون المُرَاد ملكان أَحَدُهُمَا يَسُوقُ النَّفْسَ إِلَى الْمَحْشَرِ وَالْآخَرُ يَشْهَدُ عَلَيْهَا بِمَا حَوَتْهُ صَحَائِفُ أَعْمَالِهَا. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ عَطْفِ الصِّفَاتِ مِثْلَ:

إِلَى الْمَلِكِ الْقَرَمِ وَابْنِ الْهُمَامِ فَهُوَ مَلِكٌ وَاحِدٌ.

وَالسَّائِقُ الَّذِي يَجْعَلُ غَيْرَهُ أَمَامَهُ يُزْجِيهِ فِي السَّيْرِ لِيَكُونَ بِمَرْأًى مِنْهُ كَيْلَا يَنْفَلِتَ وَذَلِكَ مِنْ شَأْنِ الْمَشْيِ بِهِ إِلَى مَا يَسُوءُ قَالَ تَعَالَى: كَأَنَّما يُساقُونَ إِلَى الْمَوْتِ [الْأَنْفَال: ٦] وَقَالَ:

وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى جَهَنَّمَ زُمَراً [الزمر: ٧١] ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى

الْجَنَّةِ زُمَراً [الزمر: ٧٣] فَمُشَاكَلَةٌ. وَضِدُّ السُّوق: الْقود.

[٢٢]

[سُورَة ق (٥٠) : آيَة ٢٢]

لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (٢٢)

مَقُولُ قَوْلٍ مَحْذُوف دلّ عَلَيْهِ تَعَيُّنِهُ مِنَ الْخِطَابِ، أَيْ يُقَالُ هَذَا الْكَلَامُ لِكُلِّ نَفْسٍ مِنْ نُفُوسِ الْمُشْرِكِينَ فَهُوَ خِطَابُ التَّهَكُّمِ التَّوْبِيخِيِّ لِلنَّفْسِ الْكَافِرَةِ لِأَنَّ الْمُؤْمِنَ لَمْ يَكُنْ فِي غَفْلَةٍ عَنِ الْحَشْرِ وَالْجَزَاءِ.