للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إِلَى الْكَهْفِ. وَجَوَّزَ الْفَرَّاءُ أَنْ تُضَمَّنَ (إِذْ) مَعْنَى الشَّرْطِ وَيَكُونُ فَأْوُوا جَوَابَهَا. وَعَلَى الشَّرْطِ يَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ مُسْتَعْمَلًا فِي إِرَادَةِ الِاعْتِزَالِ.

وَالْأَوْيُ تَقَدَّمَ آنِفًا، أَيْ فَاسْكُنُوا الْكَهْفَ.

وَالتَّعْرِيفُ فِي الْكَهْفِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ تَعْرِيفَ الْعَهْدِ، بِأَنْ كَانَ الْكَهْفُ مَعْهُودًا عِنْدَهُمْ يَتَعَبَّدُونَ فِيهِ مِنْ قَبْلُ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ تَعْرِيفَ الْحَقِيقَةِ مِثْلَ وَأَخافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ [يُوسُف: ١٣] ، أَيْ فَأْوُوا إِلَى كَهْفٍ مِنَ الْكُهُوفِ. وَعَلَى هَذَا الِاحْتِمَالِ يَكُونُ إِشَارَةً مِنْهُمْ إِلَى سُنَّةِ النَّصَارَى الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي أَوَّلِ هَذِهِ الْآيَاتِ، أَوْ عَادَةِ الْمُضْطَهَدِينَ مِنَ الْيَهُودِ كَمَا ارْتَأَيْنَاهُ هُنَالِكَ.

وَنَشْرُ الرَّحْمَةِ: تَوَفُّرُ تَعَلُّقِهَا بِالْمَرْحُومِينَ. شَبَّهَ تَعْلِيقَ الصِّفَةِ الْمُتَكَرِّرَ بِنَشْرِ الثَّوْبِ فِي أَنَّهُ لَا يُبْقِي مِنَ الثَّوْبِ شَيْئًا مَخْفِيًّا، كَمَا شُبِّهَ بِالْبَسْطِ وَشُبِّهَ ضِدُّهُ بِالطَّيِّ وَبِالْقَبْضِ.

وَالْمَرْفِقُ- بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْفَاءِ-: مَا يُرْتَفَقُ بِهِ وَيُنْتَفَعُ. وَبِذَلِكَ قَرَأَ نَافِعٌ وَابْنُ عَامِرٍ وَأَبُو جَعْفَرٍ،- وَبِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْفَاءِ- وَبِهِ قَرَأَ الْبَاقُونَ.

وَتَهْيِئَتُهُ مُسْتَعَارَةٌ لِلْإِكْرَامِ بِهِ وَالْعِنَايَةِ، تَشْبِيهًا بِتَهْيِئَةِ الْقِرَى لِلضَّيْفِ الْمُعْتَنَى بِهِ. وَجُزِمَ يَنْشُرْ فِي جَوَابِ الْأَمْرِ. وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الثِّقَةِ بِالرَّجَاءِ وَالدُّعَاءِ. وَسَاقُوهُ مَسَاقَ الْحَاصِلِ لِشِدَّةِ ثِقَتِهِمْ بِلُطْفِ رَبِّهِمْ بِالْمُؤْمِنِينَ.

[١٧]

[سُورَة الْكَهْف (١٨) : آيَة ١٧]

وَتَرَى الشَّمْسَ إِذا طَلَعَتْ تَتَزاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذاتَ الْيَمِينِ وَإِذا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذاتَ الشِّمالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذلِكَ مِنْ آياتِ اللَّهِ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِداً (١٧)

وَتَرَى الشَّمْسَ إِذا طَلَعَتْ تَتَزاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذاتَ الْيَمِينِ وَإِذا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذاتَ الشِّمالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ.

عَطَفَ بَعْضَ أَحْوَالِهِمْ عَلَى بَعْضٍ. انْتَقَلَ إِلَى ذِكْرِهِ بِمُنَاسَبَةِ الْإِشَارَةِ إِلَى تَحْقِيقِ رَجَائِهِمْ فِي رَبِّهِمْ حِينَ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقاً [الْكَهْف: ١٦] .