للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَجَدْعًا لَهُ،

وَفِي الْحَدِيثِ «تَبًّا وَسُحْقًا لِمَنْ بَدَّلَ بَعْدِي»

، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: هَيْهاتَ هَيْهاتَ لِما تُوعَدُونَ [الْمُؤْمِنُونَ: ٣٦] حاشَ لِلَّهِ [يُوسُف: ٥١] . وَذَلِكَ أَنَّ الْمَقْصُودَ التَّنْبِيهُ عَلَى الْمُرَادِ مِنَ الْكَلَام.

وَمِنْه قَول تَعَالَى عَنْ زُلَيْخَا وَقالَتْ هَيْتَ لَكَ [يُوسُف: ٢٣] لِأَنَّ تَهَيُّؤَهَا لَهُ غَرِيبٌ لَا يَخْطُرُ بِبَالِ يُوسُفَ فَلَا يَدْرِي مَا أَرَادَتْ فَقَالَتْ لَهُ هَيْتَ لَكَ [يُوسُف: ٢٣] ، إِذَا كَانَ (هيْتَ) اسْمَ فِعْلِ مُضِيٍّ بِمَعْنَى تَهَيَّأْتُ، وَمِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى هُنَا: وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ. وَقَدْ يَكُونُ الْمَقْصُودُ مَعْلُومًا فَيُخْشَى خَفَاؤُهُ فَيُؤْتَى بِاللَّامِ لِزِيَادَةِ الْبَيَانِ نَحْوَ حاشَ لِلَّهِ [يُوسُف: ٥١] ، وَهِيَ حِينَئِذٍ جَدِيرَةٌ بِاسْمِ لَامِ التَّبْيِينِ، كَالدَّاخِلَةِ إِلَى الْمُوَاجَهِ بِالْخِطَابِ فِي قَوْلِهِمْ: سَقَيًا لَكَ وَرَعْيًا، وَنَحْوِهِمَا، وَفِي قَوْله: هَيْتَ [يُوسُف: ٢٣] اسْمُ فِعْلِ أَمْرٍ بِمَعْنَى تَعَالَ. وَإِنَّمَا لَمْ تُجْعَلْ فِي بَعْضِ هَذِهِ الْمَوَاضِعِ لَامَ تَقْوِيَةٍ، لِأَنَّ لَامَ التَّقْوِيَةِ يَصِحُّ الِاسْتِغْنَاءُ عَنْهَا مَعَ ذِكْرِ مَدْخُولِهَا، وَفِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ لَا يُذْكَرُ مَدْخُولُ اللَّامِ إلّا مَعهَا.

[٥١- ٥٣]

[سُورَة الْمَائِدَة (٥) : الْآيَات ٥١ إِلَى ٥٣]

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (٥١) فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشى أَنْ تُصِيبَنا دائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نادِمِينَ (٥٢) وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خاسِرِينَ (٥٣)

تَهَيَّأَتْ نُفُوسُ الْمُؤْمِنِينَ لِقَبُولِ النَّهْيِ عَنْ مُوَالَاةِ أهل الْكتاب بعد مَا سَمِعُوا مِنِ اضْطِرَابِ الْيَهُودِ فِي دِينِهِمْ وَمُحَاوَلَتِهِمْ تَضْلِيلَ الْمُسْلِمِينَ وَتَقْلِيبَ الْأُمُور للرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَقْبَلَ عَلَيْهِمْ بِالْخِطَابِ بِقَوْلِهِ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى الْآيَةَ، لِأَنَّ الْوَلَايَةَ تَنْبَنِي عَلَى الْوِفَاقِ وَالْوِئَامِ وَالصِّلَةِ