للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَنَّ اللَّهَ ارْتَضَى قَبُولَ الشَّفَاعَةِ فِيهِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ذَلِكَ بِإِلْهَامٍ هُوَ مِنْ قَبِيلِ الْوَحْيِ لِأَنَّ الْإِلْهَامَ فِي ذَلِكَ الْعَالَمِ لَا يَعْتَرِيهِ الْخَطَأُ.

وَجُمْلَةُ وَقالَ صَواباً يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنَ اسْمِ الْمَوْصُولِ، أَيْ وَقَدْ قَالَ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي الْكَلَامِ صَواباً، أَيْ بِإِذْنِ اللَّهِ لَهُ فِي الْكَلَامِ إِذَا عَلِمَ أَنَّهُ سَيَتَكَلَّمُ بِمَا يُرْضِي اللَّهَ.

وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ عَطْفًا عَلَى جُمْلَةِ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ، أَيْ وَإِلَّا مَنْ قَالَ صَوَابًا فَعُلِمَ أَنَّ مَنْ لَا يَقُولُ الصَّوَابَ لَا يُؤْذَنُ لَهُ.

وَفِعْلُ وَقالَ صَواباً مُسْتَعْمَلٌ فِي مَعْنَى الْمُضَارِعِ، أَيْ وَيَقُولُ صَوَابًا، فَعُبِّرَ عَنْهُ بِالْمَاضِي لِإِفَادَةِ تَحَقُّقِ ذَلِكَ، أَيْ فِي عِلْمِ اللَّهِ.

وَإِطْلَاقُ صِفَةِ الرَّحْمنُ عَلَى مَقَامِ الْجَلَالَةِ إِيمَاءٌ إِلَى أَنَّ إِذْنَ اللَّهِ لِمَنْ يَتَكَلَّمُ فِي الْكَلَامِ أَثَرٌ مِنْ آثَارِ رَحْمَتِهِ لِأَنَّهُ أَذِنَ فِيمَا يَحْصُلُ بِهِ نَفْعٌ لِأَهْلِ الْمَحْشَرِ مِنْ شَفَاعَةٍ أَو اسْتِغْفَار.

[٣٩]

[سُورَة النبإ (٧٨) : آيَة ٣٩]

ذلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ مَآباً (٣٩)

اسْتِئْنَافٌ ابْتِدَائِيٌّ كَالْفَذْلَكَةِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ وَعِيدٍ وَوَعْدٍ، إنذار وَتَبْشِيرٍ، سِيقَ مَسَاقَ التَّنْوِيهِ بِ يَوْمَ الْفَصْلِ [النبأ: ١٧] . الَّذِي ابْتُدِئَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ مِنْ قَوْلِهِ: إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كانَ مِيقاتاً [النبأ: ١٧] . وَالْمَقْصُودُ التَّنْوِيهُ بِعَظِيمِ مَا يَقَعُ فِيهِ مِنَ الْجَزَاءِ بِالثَّوَابِ وَالْعِقَابِ وَهُوَ نَتِيجَةُ أَعْمَالِ النَّاسِ مِنْ يَوْمِ وُجُودِ الْإِنْسَانِ فِي الْأَرْضِ.

فَوَصْفُ الْيَوْمِ بِالْحَقِّ يَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهِ الثَّابِتُ الْوَاقِعُ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِنَّ الدِّينَ لَواقِعٌ [الذاريات: ٦] قَوْله آنِفًا: إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كانَ مِيقاتاً، فَيَكُونُ الْحَقُّ بِمَعْنى الثَّابِت مثل مَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ [الْأَنْبِيَاء: ٩٧] .

وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِالْحَقِّ مَا قَابَلَ الْبَاطِلَ، أَيِ الْعَدْلُ وَفَصْلُ الْقَضَاءِ فَيَكُونُ وَصْفُ الْيَوْمِ بِهِ عَلَى وَجْهِ الْمَجَازِ الْعَقْلِيِّ إِذِ الْحَقُّ يَقَعُ فِيهِ وَالْيَوْم ظَرْفٌ لَهُ قَالَ تَعَالَى: يَوْمَ الْقِيامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ [الممتحنة: ٣] .