للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لِتَأْكِيدِ النَّفْيِ الَّذِي فِي قَوْلِهِ: لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَعَدَمُ إِعَادَةِ لَا مَعَ قَوْلِهِ وَيَعُوقَ وَنَسْراً لِأَنَّ الِاسْتِعْمَالَ جَارٍ عَلَى أَنْ لَا يُزَادَ فِي التَّأْكِيدِ عَلَى ثَلَاثِ مَرَّاتٍ.

وَقَرَأَ نَافِعٌ وَأَبُو جَعْفَرٍ وُدًّا بِضَمِّ الْوَاوِ. وَقَرَأَهَا غَيْرُهُمَا بِفَتْحِ الْوَاوِ، وَهُوَ اسْمٌ عَجَمِيٌّ يَتَصَرَّفُ فِيهِ لِسَانُ الْعَرَب كَيفَ شاؤا.

[٢٤]

[سُورَة نوح (٧١) : آيَة ٢٤]

وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ ضَلالاً (٢٤)

وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً.

عَطْفٌ عَلَى وَقالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ [نوح: ٢٣] ، أَيْ أَضَلُّوا بِقَوْلِهِمْ هَذَا وَبِغَيْرِهِ مِنْ تَقَالِيدِ الشِّرْكِ كَثِيرًا مِنَ الْأُمَّةِ بِحَيْثُ مَا آمَنَ مَعَ نُوحٍ إِلَّا قَلِيلٌ.

وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلالًا.

يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْجُمْلَةُ تَتِمَّةَ كَلَامِ نُوحٍ مُتَّصِلَةً بِحِكَايَةِ كَلَامِهِ السَّابِقِ، فَتَكُونُ الْوَاوُ عَاطِفَةَ جُزْءِ جُمْلَةٍ مَقُولَةٍ لفعل قالَ [نوح: ٢١] عَلَى جُزْئِهَا الَّذِي قَبْلَهَا عَطْفَ الْمَفَاعِيلِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ كَمَا تَقُولُ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ قِفَا نَبْكِ. خَتَمَ نُوحٌ شَكْوَاهُ إِلَى اللَّهِ بِالدُّعَاءِ عَلَى الضَّالِّينَ الْمُتَحَدَّثِ عَنْهُمْ بِأَنْ يَزِيدَهُمُ اللَّهُ ضَلَالًا.

وَلَا يُرِيبُكَ عَطْفُ الْإِنْشَاءِ عَلَى الْخَبَرِ لِأَنَّ مَنْعَ عَطْفِ الْإِنْشَاءِ عَلَى الْخَبَرِ عَلَى الْإِطْلَاقِ غَيْرُ وَجِيهٍ وَالْقُرْآنُ طَافِحٌ بِهِ.

وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ جُمْلَةُ وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلالًا غَيْرَ مُتَّصِلَةٍ بِحِكَايَةِ كَلَامِهِ فِي قَوْلِهِ: قالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي [نوح: ٢١] بَلْ هُوَ حِكَايَةُ كَلَامٍ آخَرَ لَهُ صَدْرٌ فِي مَوْقِفٍ آخَرَ، فَتَكُونُ الْوَاوُ عَاطِفَةً جُمْلَةَ مَقُولَةِ قَوْلٍ عَلَى جُمْلَةِ مَقُولَةِ قَوْلٍ آخَرَ، أَيْ نَائِبَةٍ عَنْ فِعْلِ قَالَ كَمَا تَقُولُ: قَالَ امْرُؤ الْقَيْس:

قفانبك وَ:

أَلَا عِمْ صَبَاحًا أَيُّهَا الطَّلَلُ الْبَالِي وَقَدْ نَحَا هَذَا الْمَعْنَى مَنْ يَأْبَوْنَ عَطْفَ الْإِنْشَاءِ عَلَى الْخَبَرِ.

وَالْمُرَادُ بِ الظَّالِمِينَ: قَوْمُهُ الَّذِينَ عَصَوْهُ فَكَانَ مُقْتَضَى الظَّاهِرِ التَّعْبِيرَ عَنْهُمْ بِالضَّمِيرِ عَائِدًا عَلَى قَوْمِي مِنْ قَوْلِهِ: دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهاراً [نوح: ٥] فَعَدَلَ عَنْ