للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَاسْتِعْمَالُ الْمُضَارِعِ فِي قَوْلِهِ: لَا تُحِبُّونَ إِنْ كَانَ فِي حَالِ سَمَاعِهِمْ قَوْلَهُ فَهُوَ لِلدَّلَالَةِ عَلَى التَّجْدِيدِ وَالتَّكْرِيرِ، أَيْ لَمْ يَزَلْ هَذَا دَأْبُكُمْ فَيَكُونُ ذَلِكَ آخِرَ عِلَاجٍ لِإِقْلَاعِهِمْ إِنْ كَانَتْ فِيهِمْ بَقِيَّةٌ لِلْإِقْلَاعِ عَمَّا هُمْ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ انْقِضَاءِ سَمَاعِهِمْ فَالْمُضَارِعُ لِحِكَايَةِ الْحَالِ الْمَاضِيَةِ مِثْلَهَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً [فاطر: ٩] .

[٨٠، ٨١]

[سُورَة الْأَعْرَاف (٧) : الْآيَات ٨٠ إِلَى ٨١]

وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ (٨٠) إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ (٨١)

عُطِفَ وَلُوطاً عَلَى نُوحاً فِي قَوْلِهِ: لَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً [الْأَعْرَاف: ٥٩] فَالتَّقْدِيرُ:

وَأَرْسَلْنَا لُوطًا، وَتَغْيِيرُ الْأُسْلُوبِ فِي ابْتِدَاءِ قِصَّةِ لُوطٍ وَقَوْمِهِ إِذِ ابْتُدِئَتْ بِذِكْرِ (لُوطًا) كَمَا ابْتُدِئَتْ قِصَّةٌ بِذِكْرِ نُوحٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِقَوْمِ لُوطٍ اسْمٌ يُعْرَفُونَ بِهِ كَمَا لَمْ يَكُنْ لِقَوْمِ نُوحٍ اسْمٌ يُعْرَفُونَ بِهِ. وَ (إِذْ) - ظَرْفٌ مُتَعَلِّقٌ بِ (أَرْسَلْنَا) الْمُقَدَّرُ يَعْنِي أَرْسَلْنَاهُ وَقْتَ قَالَ لِقَوْمِهِ وَجُعِلَ وَقْتُ الْقَوْلِ ظَرْفًا لِلْإِرْسَالِ لِإِفَادَةِ مُبَادَرَتِهِ بِدَعْوَةِ قَوْمِهِ إِلَى مَا أَرْسَلَهُ اللَّهُ بِهِ، وَالْمُقَارَنَةُ الَّتِي تَقْتَضِيهَا الظَّرْفِيَّةُ بَيْنَ وَقْتِ الْإِرْسَالِ وَوَقْتِ قَوْلِهِ، مُقَارَنَةٌ عُرْفِيَّةٌ بِمَعْنَى شِدَّةِ الْقُرْبِ بِأَقْصَى مَا يُسْتَطَاعُ مِنْ مُبَادَرَةِ التَّبْلِيغِ.

وَقَوْمُ لُوطٍ كَانُوا خَلِيطًا مِنَ الْكَنْعَانِيِّينَ وَمِمَّنْ نَزَلَ حَوْلَهُمْ. وَلِذَلِكَ لَمْ يُوصَفْ بِأَنَّهُ أَخُوهُمْ إِذْ لَمْ يَكُنْ مِنْ قَبَائِلِهِمْ، وَإِنَّمَا نَزَلَ فِيهِمْ وَاسْتَوْطَنَ دِيَارَهُمْ. وَلُوطٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ هُوَ ابْنُ أَخِي إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ، وَكَانَ لُوطٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَدْ نَزَلَ

بِبِلَادِ (سَدُومَ) وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ قُرَابَةٌ.