للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لِوَضْعِ مَتَاعِهِ بدَلَالَةِ لَحْنِ الْخَطَابِ.

وَكَذَلِكَ يَشْمَلُ دُخُولَ الْمُسَافِرِ وَإِنْ كَانَ لَا مَتَاعَ لَهُ لِقَصْدِ التَّظَلُّلِ أَوِ الْمَبِيتِ بِدَلَالَةِ لَحْنِ الْخِطَابِ أَوْ الْقِيَاسِ.

وَقَدْ فُسِّرَ الْمَتَاعُ بِالْمَصْدَرِ، أَيِ التَّمَتُّعُ وَالِانْتِفَاعُ. قَالَ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ: كُلُّ مَنَافِعِ الدُّنْيَا مَتَاعٌ. وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ النَّحَّاسُ: هَذَا شَرْحٌ حَسَنٌ مِنْ قَوْلِ إِمَامٍ مِنْ أَيِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِلُّغَةِ، وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ فِي «الْكَشَّافِ» . وَنَوَّهَ بِهَذَا التَّفْسِيرِ أَبُو بَكْرٍ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فَيَكُونُ إِيمَاءً إِلَى أَنَّ مَنْ لَا مَنْفَعَةَ لَهُ فِي دُخُولِهَا لَا يُؤْذَنُ لَهُ فِي دُخُولِهَا لِأَنَّهُ يَضِيقُ عَلَى أَصْحَابِ الِاحْتِيَاجِ إِلَى بِقَاعِهَا.

وَجُمْلَةُ: وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَما تَكْتُمُونَ مُسْتَعْمَلَةٌ فِي التَّحْذِيرِ مِنْ تَجَاوُزِ مَا أَشَارَتْ إِلَيْهِ الْآيَةُ مِنَ الْقُيُودِ وَهِيَ كَوْنُ الْبُيُوتِ غَيْرَ مَسْكُونَةٍ وَكَون الدَّاخِل مُحْتَاجا إِلَى دُخُولِهَا بَلْهَ أَنْ يَدْخُلَهَا بِقَصْدِ التَّجَسُّسِ عَلَى قُطَّانِهَا أَوْ بِقَصْدِ أَذَاهُمْ أَوْ سَرقَة مَتَاعهمْ.

[٣٠]

[سُورَة النُّور (٢٤) : آيَة ٣٠]

قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذلِكَ أَزْكى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما يَصْنَعُونَ (٣٠)

أَعْقَبَ حُكْمَ الِاسْتِئْذَانِ بِبَيَانِ آدَابِ مَا تَقْتَضِيهِ الْمُجَالَسَةُ بَعْدَ الدُّخُولِ وَهُوَ أَنْ لَا يَكُونَ الدَّاخِلُ إِلَى الْبَيْتِ مُحَدِّقًا بَصَرَهُ إِلَى امْرَأَةٍ فِيهِ بَلْ إِذَا جَالَسَتْهُ الْمَرْأَةُ غَضَّ بَصَرَهُ وَاقْتَصَرَ عَلَى الْكَلَامِ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهَا إِلَّا النَّظَرَ الَّذِي يَعْسُرُ صَرْفُهُ.

وَلَمَّا كَانَ الْغَضُّ التَّامُّ لَا يُمْكِنُ جِيءَ فِي الْآيَةِ بِحَرْفِ مِنْ الَّذِي هُوَ لِلتَّبْعِيضِ إِيمَاءٌ إِلَى ذَلِكَ إِذْ مِنَ الْمَفْهُومِ أَنَّ الْمَأْمُورَ بِالْغَضِّ فِيهِ هُوَ مَا لَا يَلِيقُ تَحْدِيقُ النَّظَرِ إِلَيْهِ وَذَلِكَ يَتَذَكَّرُهُ الْمُسْلِمُ مِنِ اسْتِحْضَارِهِ أَحْكَامَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ فِي هَذَا الشَّأْنِ فَيَعْلَمُ أَنَّ غَضَّ الْبَصَرِ مَرَاتِبٌ: مِنْهُ وَاجِبٌ وَمِنْهُ دُونُ ذَلِكَ، فَيَشْمَلُ غَضُّ الْبَصَرِ عَمَّا اعْتَادَ النَّاسُ كَرَاهِيَةَ التَّحَقُّقِ فِيهِ كَالنَّظَرِ إِلَى خَبَايَا الْمَنَازِلِ، بِخِلَافِ مَا لَيْسَ كَذَلِكَ فَقَدْ

جَاءَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ حِينَ