وَانْتَصَبَ: شَهِيداً عَلَى التَّمْيِيزِ لِنِسْبَةِ الْكِفَايَةِ إِلَى اللَّهِ لِمَا فِيهَا مِنَ الْإِجْمَالِ.
وَجُمْلَةُ: إِنْ كُنَّا عَنْ عِبادَتِكُمْ لَغافِلِينَ جَوَابٌ لِلْقَسَمِ. (وَإِنْ) مُخَفَّفَةٌ مِنْ (إِنَّ) .
وَاسْمُهَا ضَمِيرُ شَأْنٍ مُلْتَزِمُ الْحَذْفِ.
وَجُمْلَةُ: كُنَّا عَنْ عِبادَتِكُمْ لَغافِلِينَ مُفَسِّرَةٌ لِضَمِيرِ الشَّأْنِ. وَاللَّامُ فَارِقَةٌ بَيْنَ (إِنِ) الْمُؤَكِّدَةِ الْمُخَفَّفَةِ وَ (إِنِ) النَّافِيَةِ.
وَتَقْدِيمُ قَوْلِهِ: عَنْ عِبادَتِكُمْ عَلَى عَامِلِهِ لِلِاهْتِمَامِ وَلِلرِّعَايَةِ عَلَى الْفَاصِلَةِ.
[٣٠]
[سُورَة يُونُس (١٠) : آيَة ٣٠]
هُنالِكَ تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كانُوا يَفْتَرُونَ (٣٠)
هُنالِكَ تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ تَذْيِيلٌ وَفَذْلَكَةٌ لِلْجُمَلِ السَّابِقَةِ مِنْ قَوْله: وَاللَّهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ [يُونُس: ٢٥] إِلَى هُنَا. وَهُوَ اعْتِرَاضٌ بَيْنَ الْجُمَلِ الْمُتَعَاطِفَةِ.
وَالْإِشَارَةُ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي أَنْبَأَ عَنْهُ قَوْله: نَحْشُرُهُمْ [يُونُس: ٢٨] أَيْ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ الَّذِي نَحْشُرُهُمْ فِيهِ. وَاسْمُ الْإِشَارَةِ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الظَّرْفِيَّة. وعامله تَبْلُوا، وَقُدِّمَ هَذَا الظَّرْفُ لِلِاهْتِمَامِ بِهِ لِأَنَّ الْغَرَضَ الْأَهَمَّ مِنَ الْكَلَامِ لِعِظَمِ مَا يَقع فِيهِ.
وتَبْلُوا تَخْتَبِرُ، وَهُوَ هُنَا كِنَايَةٌ عَنِ التَّحَقُّقِ وَعِلْمِ الْيَقِينِ. وأَسْلَفَتْ قَدَّمَتْ، أَيْ عَمَلًا أَسْلَفَتْهُ. وَالْمَعْنَى أَنَّهَا تَخْتَبِرُ حَالَتَهُ وَثَمَرَتَهُ فَتَعْرِفُ مَا هُوَ حَسَنٌ وَنَافِعٌ وَمَا هُوَ قَبِيحٌ وَضَارٌّ إِذْ قَدْ وَضَحَ لَهُمْ مَا يُفْضِي إِلَى النَّعِيمِ بِصَاحِبِهِ، وَضِدُّهُ.
وَقَرَأَ الْجُمْهُور تَبْلُوا بِمُوَحَّدَةٍ بَعْدَ الْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ. وَقَرَأَهُ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَخَلَفٌ بِمُثَنَّاةٍ فَوْقِيَّةٍ بَعْدَ الْمُثَنَّاةِ الْأُولَى عَلَى أَنَّهُ مِنَ التَّلْوِ وَهُوَ الْمُتَابَعَةُ، أَيْ تَتْبَعُ كُلُّ نَفْسٍ مَا قَدَّمَتْهُ مِنْ عَمَلٍ فَيَسُوقُهَا إِلَى الْجَنَّةِ أَوْ إِلَى النَّارِ.