الْمُقْتَرِنِ بِالْفَاءِ دُونَ الْوَاوِ، وَالْفَاءُ فِيهِ كَالْفَاءِ فِي قَوْلِهِ: فَبِئْسَ الْمِهادُ [ص: ٥٦] وَقَدْ تَقَدَّمَتْ آنِفًا.
وَمَوْقِعُ الْجُمْلَةِ كَمَوْقِعِ قَوْلِهِ: فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ [ص: ٣٩] كَمَا تَقَدَّمَ آنِفًا.
وَقَولُهُ: وَآخَرُ صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ دَلَّتْ عَلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَولِهِ: هَذَا وَضَمِيرُ فَلْيَذُوقُوهُ وَوَصْفٌ آخَرُ يَدُلُّ عَلَى مُغَايِرٍ. وَقَولُهُ: مِنْ شَكْلِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مُغَايِرٌ لَهُ بِالذَّاتِ وَمُوَافِقٌ فِي النَّوْعِ، فَحَصَلَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ عَذَابٌ آخَرُ أَوْ مَذُوقٌ آخَرُ.
وَالشَّكْلُ بِفَتْحِ الشِّينِ: الْمِثْلُ، أَيِ الْمُمَاثِلِ فِي النَّوْعِ، أَيْ وَعَذَابٌ آخَرُ غَيْرَ ذَلِكَ الَّذِي ذَاقُوهُ مِنَ الْحَمِيمِ وَالْغَسَّاقِ هُوَ مِثْلُ ذَلِكَ الْمُشَارِ إِلَيْهِ أَوْ مِثْلُ ذَلِكَ الذَّوْقُ فِي التَّعْذِيبِ وَالْأَلَمِ. وَأُفْرِدَ ضَمِيرُ شَكْلِهِ مَعَ أَنَّ مَعَادَهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ نَظَرًا إِلَى إِفْرَادِ اسْمِ الْإِشَارَةِ، أَوْ إِلَى إِفْرَادِ (مَذُوقِ) الْمَأْخُوذِ مِنْ (يَذُوقُوهُ) ، فَقَولُهُ: مِنْ شَكْلِهِ صِفَةٌ لِ آخَرُ.
وَالْأَزْوَاجُ: جَمْعُ زَوْجٍ بِمَعْنَى النَّوْعِ وَالْجِنْسِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ: وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ جَعَلَ فِيها زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ فِي سُورَةِ الرَّعْدِ [٣] .
وَالْمَعْنَى: وَعَذَابٌ آخَرُ هُوَ أَزْوَاجُ أَصْنَافٍ كَثِيرَةٌ. وَلَمَّا كَانَ اسْمًا شَائِعًا فِي كُلِّ مُغَايِرٍ صَحَّ وَصْفُهُ بِ أَزْواجٌ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: وَآخَرُ بِصِيغَةِ الْإِفْرَادِ. وَقَرَأَهُ أَبُو عَمْرٍو وَيَعْقُوبُ وَأُخَرُ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ جُمَعُ أُخْرَى عَلَى اعْتِبَارِ تَأْنِيثِ الْمَوْصُوفِ، أَيْ وَأَزْوَاجٌ أُخَرُ مِنْ شَكْلِ ذَلِك الْعَذَاب.
[٥٩]
[سُورَة ص (٣٨) : آيَة ٥٩]
هَذَا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ لَا مَرْحَباً بِهِمْ إِنَّهُمْ صالُوا النَّارِ (٥٩)
ابْتِدَاءُ كَلَامٍ حُكِيَ بِهِ تَخَاصُمُ الْمُشْرِكِينَ فِي النَّارِ فِيمَا بَيْنَهُمْ إِذَا دَخَلُوهَا كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي آخِرِهِ: إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ [ص: ٦٤] ، وَبِهِ فَسَّرَ قَتَادَةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute