لِقَوْلِهِمْ: بِأَنَّ جِبْرِيلَ أُرْسِلَ إِلَى عَلِيٍّ وَلَكِنَّهُ شُبِّهَ لَهُ مُحَمَّدٌ بِعَلِيٍّ إِذْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَشْبَهُ بِالْآخَرِ مِنَ الْغُرَابِ بِالْغُرَابِ (وَكَذَبُوا) فَبَلَّغَ الرِّسَالَةَ إِلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَهُمْ أَثْبَتُوا الرِّسَالَةَ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَكِنَّهُمْ زَعَمُوهُ غَيْرَ الْمُعَيَّنِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ.
وَتُشْبِهُ طُقُوسُ الْبَهَائِيَّةِ طُقُوسَ الْمَاسُونِيَّةِ إِلَّا أَنَّ الْبَهَائِيَّةَ تَنْتَسِبُ إِلَى التَّلَقِّي مِنَ الْوَحْيِ الْإِلَهِيِّ، فَبِذَلِكَ فَارَقَتِ الْمَاسُونِيَّةِ وَعُدَّتْ فِي الْأَدْيَانِ وَالْمِلَلِ وَلَمْ تُعَدَّ فِي الْأَحْزَابِ.
وَانْتَصَبَ رَسُولَ اللَّهِ مَعْطُوفًا عَلَى أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ عَطْفًا بِالْوَاوِ الْمُقْتَرِنَةِ بِ لكِنْ لِتُفِيدَ رَفْعَ النَّفْيِ الَّذِي دَخَلَ عَلَى عَامِلِ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ وَخَاتِمَ النَّبِيئِينَ بِكَسْرِ تَاءِ خاتَمَ عَلَى أَنَّهُ اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ خَتَمَ.
وَقَرَأَ عَاصِمٌ بِفَتْحِ التَّاءِ عَلَى تَشْبِيهِهِ بِالْخَاتَمِ الَّذِي يُخْتَمُ بِهِ الْمَكْتُوبُ فِي أَنَّ ظُهُوَرَهُ كَانَ غلقا للنبوءة.
[٤١، ٤٢]
[سُورَة الْأَحْزَاب (٣٣) : الْآيَات ٤١ إِلَى ٤٢]
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً (٤١) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً (٤٢)
إِقْبَالٌ عَلَى مُخَاطَبَةِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنْ يَشْغَلُوا أَلْسِنَتَهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ وَتَسْبِيحِهِ، أَيْ أَنْ يُمْسِكُوا عَنْ مُمَارَاةِ الْمُنَافِقِينَ أَوْ عَنْ سَبِّهِمْ فِيمَا يُرْجِفُونَ بِهِ فِي قَضِيَّةِ تَزَوُّجِ زَيْنَبَ فَأَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَعْتَاضُوا عَنْ ذَلِكَ بِذِكْرِ اللَّهِ وَتَسْبِيحِهِ خَيْرًا لَهُمْ، وَهَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: فَإِذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً [الْبَقَرَة: ٢٠٠] ، أَي خير مِنَ التَّفَاخُرِ بِذِكْرِ آبَائِكُمْ وَأَحْسَابِكُمْ، فَذَلِكَ أَنْفَعُ لَهُمْ وَأَبْعَدُ عَنْ أَنْ تَثُورَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُنَافِقِينَ ثَائِرَةُ فِتْنَةٍ فِي الْمَدِينَةِ، فَهَذَا مِنْ نَحْو قَوْله لنبيّئه وَدَعْ أَذاهُمْ [الْأَحْزَاب: ٤٨] وَمِنْ نَحْوِ قَوْلِهِ: وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ [الْأَنْعَام: ١٠٨] ، فَأُمِرُوا بِتَشْغِيلِ أَلْسِنَتِهِمْ وَأَوْقَاتِهِمْ بِمَا يَعُودُ بِنَفْعِهِمْ وَتَجَنُّبِ مَا عَسَى أَنْ يُوقِعَ فِي مُضِرَّةٍ.
وَفِيهِ تَسْجِيلٌ عَلَى الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ خَوْضَهُمْ فِي ذَلِكَ بَعْدَ هَذِهِ الْآيَةِ عَلَامَةٌ عَلَى النِّفَاقِ لِأَنَّ الْمُؤْمِنِينَ لَا يُخَالِفُونَ أَمْرَ رَبِّهِمْ.
وَالْجُمْلَةُ اسْتِئْنَافٌ ابْتِدَائِيٌّ مُتَّصِلٌ بِمَا قَبْلَهُ لِلْمُنَاسَبَةِ الَّتِي أَشَرْنَا إِلَيْهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute