وَلَا يَتَّجِهُ مَا نَحَاهُ صَاحِبُ «الْكَشَّافِ» مِنْ إِجْرَاءِ هَذِهِ الصِّلَةِ عَلَى طَرِيقَةِ التَّهَكُّمِ.
وَقَوْلُهُ: وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ تَقَدَّمَ نَظِيرُهُ آنِفًا عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى، فِي هَذِهِ السُّورَةِ: قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ [الْأَعْرَاف: ٢٨] .
وَقَدْ جَمَعَتْ هَذِهِ الْآيَةُ أَصُولَ أَحْوَالِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ فِيمَا تَلَبَّسُوا بِهِ مِنَ الْفَوَاحِشِ وَالْآثَامِ، وَهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ يَتَوَرَّعُونَ عَنِ الطَّوَافِ فِي الثِّيَابِ، وَعَنْ أَكْلِ بَعْضِ الطَّيِّبَاتِ فِي الْحَجِّ. وَهَذَا مِنْ نَاحِيَةِ قَوْله تَعَالَى: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَإِخْراجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ [الْبَقَرَة: ٢١٧] .
[٣٤]
[سُورَة الْأَعْرَاف (٧) : آيَة ٣٤]
وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ (٣٤)
اعْتِرَاضٌ بَيْنَ جُمْلَةِ: يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ [الْأَعْرَاف: ٣١] وَبَيْنَ جُمْلَةِ: يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ [الْأَعْرَاف: ٣٥] لَمَّا نَعَى اللَّهُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ضَلَالَهُمْ وَتَمَرُّدَهُمْ.
بَعْدَ أَنْ دَعَاهُمْ إِلَى الْإِيمَانِ، وَإِعْرَاضَهُمْ عَنْهُ، بِالْمُجَادَلَةِ وَالتَّوْبِيخِ وَإِظْهَارِ نَقَائِصِهِمْ بِالْحُجَّةِ الْبَيِّنَةِ، وَكَانَ حَالُهُمْ حَالَ مَنْ لَا يُقْلِعُ عَمَّا هُمْ فِيهِ، أَعْقَبَ ذَلِكَ بِإِنْذَارِهِمْ وَوَعِيدِهِمْ إِقَامَةً لِلْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ وَإِعْذَارًا لَهُمْ قَبْلَ حُلُولِ الْعَذَابِ بِهِمْ.
وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ تُؤَكِّدُ الْغَرَضَ مِنْ جُمْلَةِ: وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها [الْأَعْرَاف: ٤] وَتَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ الْمَقْصُودُ بِهَذَا الْخَبَرِ الْمُشْرِكِينَ، بِأَنْ أَقْبَلَ اللَّهُ عَلَى خِطَابِهِمْ أَو أَمر نبيئه بِأَنْ يُخَاطِبَهُمْ، لِأَنَّ هَذَا الْخِطَابَ خِطَابُ وَعِيدٍ وَإِنْذَارٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute