للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[١٢]

[سُورَة الْحَج (٢٢) : آيَة ١٢]

يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُ وَما لَا يَنْفَعُهُ ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ (١٢)

جملَة يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ إِلَخْ حَالٌ مِنْ ضمير انْقَلَبَ [الْحَج: ١١] .

وَقَدَّمَ الضَّرَّ عَلَى النَّفْعِ فِي قَوْلِهِ مَا لَا يَضُرُّهُ إِيمَاءً إِلَى أَنَّهُ تَمَلَّصَ مِنَ الْإِسْلَامِ تَجَنُّبًا لِلضُّرِّ لِتَوَهُّمِهِ أَنَّ مَا لَحِقَهُ مِنَ الضُّرِّ بِسَبَبِ الْإِسْلَامِ وَبِسَبَبِ غَضَبِ الْأَصْنَامِ عَلَيْهِ، فَعَادَ إِلَى عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ حَاسِبًا أَنَّهَا لَا تَضُرُّهُ. وَفِي هَذَا الْإِيمَاءِ تَهَكُّمٌ بِهِ يَظْهَرُ بِتَعْقِيبِهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَما لَا يَنْفَعُهُ أَيْ فَهُوَ مُخْطِئٌ فِي دُعَائِهِ الْأَصْنَامَ لِتُزِيلَ عَنْهُ الضُّرَّ فَيَنْتَفِعَ بِفِعْلِهَا.

وَالْمَعْنَى: أَنَّهَا لَا تَفْعَلُ مَا يجلب ضُرًّا وَلَا مَا يَجْلِبُ نَفْعًا.

وَالْإِشَارَةُ فِي قَوْلِهِ ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ إِلَى الدُّعَاءِ الْمُسْتَفَاد من يَدْعُوا.

وَالْقَوْلُ فِي اسْمِ الْإِشَارَةِ وَضَمِيرِ الْفَصْلِ وَالْقَصْرِ مِثْلُ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ [الْحَج: ١١] .

وَالْبَعِيدُ: الْمُتَجَاوِزُ الْحَدَّ الْمَعْرُوفَ فِي مَدَى الضَّلَالِ، أَيْ هُوَ الضَّلَالُ الَّذِي لَا يُمَاثِلُهُ ضَلَالٌ لِأَنَّهُ يعبد مَا لاغناء لَهُ.

[١٣]

[سُورَة الْحَج (٢٢) : آيَة ١٣]

يَدْعُوا لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ لَبِئْسَ الْمَوْلى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ (١٣)

جُمْلَةٌ فِي مَوْضِعِ حَالٍ ثَانِيَةٍ، وَمَضْمُونُهَا ارْتِقَاءٌ فِي تَضْلِيلِ عَابِدِي الْأَصْنَامِ. فَبَعْدَ أَنْ بَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ يَعْبُدُونَ مَا لَا غَنَاءَ لَهُمْ فِيهِ زَادَ