للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَجُمْلَةُ خَسِرَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةَ بَدَلُ اشْتِمَالٍ مِنْ جُمْلَةِ انْقَلَبَ عَلى وَجْهِهِ.

وَجُمْلَةُ ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ جُمْلَةِ انْقَلَبَ عَلى وَجْهِهِ وَجُمْلَة يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ [الْحَج: ١٢] الَّتِي هِيَ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنْ ضَمِيرِ انْقَلَبَ أَيْ أُسْقِطَ فِي الشِّرْكِ.

وَالْخُسْرَانُ: تَلَفُ جُزْءٍ مِنْ أَصْلِ مَالِ التِّجَارَةِ، فَشَبَّهَ نَفْعَ الدُّنْيَا وَنَفْعَ الْآخِرَةِ بِمَالِ التَّاجِرِ السَّاعِي فِي تَوْفِيرِهِ لِأَنَّ النَّاسَ يَرْغَبُونَ تَحْصِيلَهُ، وَثَنَّى عَلَى ذَلِكَ إِثْبَاتَ الْخُسْرَانِ لِصَاحِبِهِ الَّذِي هُوَ مِنْ مُرَادِفَاتِ مَالِ التِّجَارَةِ الْمُشَبَّهِ بِهِ، فَشَبَّهَ فَوَاتَ النَّفْعِ الْمَطْلُوبِ بخسارة المَال.

وَتَعْلِيق الْخُسْرَانِ بِالدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ. وَالتَّقْدِيرُ خَسِرَ خَيْرَ الدُّنْيَا وَخَيْرَ

الْآخِرَةِ.

فَخَسَارَةُ الدُّنْيَا بِسَبَبِ مَا أَصَابَهُ فِيهَا مِنَ الْفِتْنَةِ، وَخَسَارَةُ الْآخِرَةِ بِسَبَبِ عَدَمِ الِانْتِفَاعِ بِثَوَابِهَا الْمَرْجُوِّ لَهُ.

وَالْمُبِينُ: الَّذِي فِيهِ مَا يُبَيِّنُ لِلنَّاسِ أَنَّهُ خُسْرَانٌ بِأَدْنَى تَأَمُّلٍ. وَالْمُرَادُ أَنَّهُ خُسْرَانٌ شَدِيدٌ لَا يَخْفَى.

وَالْإِتْيَانُ بِاسْمِ الْإِشَارَةِ لِزِيَادَةِ تَمْيِيزِ الْمُسْنَدِ إِلَيْهِ أَتَمَّ تَمْيِيزٍ لِتَقْرِيرِ مَدْلُولِهِ فِي الْأَذْهَانِ.

وَضَمِيرُ هُوَ ضَمِيرُ فَصْلٍ، وَالْقَصْرُ الْمُسْتَفَادُ مِنْ تَعْرِيفِ الْمُسْنَدِ قَصْرٌ ادِّعَائِيٌّ.

ادُّعِيَ أَنَّ مَاهِيَّةَ الْخُسْرَانِ الْمُبِينِ انْحَصَرَتْ فِي خُسْرَانِهِمْ، وَالْمَقْصُودُ مِنَ الْقَصْرِ الِادِّعَائِيِّ تَحْقِيقُ الْخَبَرِ وَنَفْيُ الشَّكِّ فِي وُقُوعِهِ. وَضَمِيرُ الْفَصْلِ أَكَّدَ مَعْنَى الْقَصْرِ فَأَفَادَ تَقْوِيَةَ الْخَبَرِ الْمَقْصُورِ