للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْقَدَرُ- بِفَتْحِ الدَّالِّ-: التَّقْدِيرُ. وَتَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِها فِي سُورَةِ الرَّعْد [١٧] .

وَالْمرَاد ب مَعْلُومٍ أَنَّهُ مَعْلُومُ تَقْدِيرِهِ عِنْدَ الله تَعَالَى.

[٢٢]

[سُورَة الْحجر (١٥) : آيَة ٢٢]

وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ فَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ مَاءً فَأَسْقَيْناكُمُوهُ وَما أَنْتُمْ لَهُ بِخازِنِينَ (٢٢)

انْتِقَالٌ مِنَ الِاسْتِدْلَالِ بِظَوَاهِرِ السَّمَاءِ وَظَوَاهِرِ الْأَرْضِ إِلَى الِاسْتِدْلَالِ بِظَوَاهِرِ كُرَةِ الْهَوَاءِ الْوَاقِعَةِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، وَذَلِكَ لِلِاسْتِدْلَالِ بِفِعْلِ الرِّيَاحِ وَالْمِنَّةِ بِمَا فِيهَا مِنَ الْفَوَائِدِ.

وَالْإِرْسَالُ: مَجَازٌ فِي نَقْلِ الشَّيْءِ مِنْ مَكَانٍ إِلَى مَكَانٍ. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الرِّيَاحَ مُسْتَمِرَّةُ الْهُبُوبِ فِي الْكُرَةِ الْهَوَائِيَّةِ. وَهِيَ تَظْهَرُ فِي مَكَانٍ آتِيَةٍ إِلَيْهِ مِنْ مَكَانٍ آخَرَ وَهَكَذَا ...

ولَواقِحَ حَالٌ مِنَ الرِّياحَ. وَقَعَ هَذَا الْحَالُ إِدْمَاجًا لِإِفَادَةِ مَعْنَيَيْنِ كَمَا سَيَأْتِي عَنْ مَالِكٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ-.

ولَواقِحَ صَالِحٌ لِأَنْ يَكُونَ جَمْعُ لَاقِحٍ وَهِيَ النَّاقَةُ الْحُبْلَى. وَاسْتُعْمِلَ هُنَا اسْتِعَارَةً لِلرِّيحِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الرُّطُوبَةِ الَّتِي تَكُونُ سَبَبًا فِي نُزُولِ الْمَطَرِ، كَمَا اسْتُعْمِلَ فِي ضِدِّهَا الْعَقِيمُ ضِدُّ اللَّاقِحِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى إِذْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ [سُورَة الذاريات:

٤١] .

وَصَالِحٌ لِأَنْ يَكُونَ جَمْعُ مُلَقِّحٍ وَهُوَ الَّذِي يَجْعَلُ غَيْرَهُ لَاقِحًا، أَيِ الْفَحْلُ إِذَا أَلْقَحَ النَّاقَةَ، فَإِنَّ فَوَاعِلَ يَجِيءُ جَمْعَ مُفْعِلٍ مُذَكَّرٍ نَادِرًا كَقَوْلِ الْحَارِثِ أَوْ ضِرَارٍ النَّهْشَلَيِّ: