للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

- ٧٤٠ -

المدثر وَالْخلاف مَحْصُور فيهمَا مَعَ الْفَاتِحَة، فسورة ن هِيَ الرَّابِعَة على أقل تَقْدِير. وَهُوَ يتَعَرَّض لعد الْآي وَمن ذَلِك قَوْله فِي سُورَة الْبَقَرَة: وَعدد آيها مِائَتَان وَخمْس وَثَمَانُونَ آيَة عِنْد أهل الْعدَد بِالْمَدِينَةِ وَمَكَّة وَالشَّام، وست وَثَمَانُونَ عِنْد أهل الْعدَد بِالْكُوفَةِ، وَسبع وَثَمَانُونَ عِنْد أهل الْعدَد بِالْبَصْرَةِ.

وَقد تعرض للْخلاف فِي عد الفواتح.

ثَانِيًا: موقفه من العقيدة:

وَهُوَ فِي العقيدة يسْلك مَسْلَك المؤولة:

يَقُول: فوصف الله تَعَالَى بِصِفَات الرَّحْمَة فِي اللُّغَات نَاشِئ على مِقْدَار عقائد أَهلهَا فِي مَا يجوز على الله ويستحيل، وَكَانَ أَكثر الْأُمَم مجسمة، ثمَّ يَجِيء ذَلِك فِي لِسَان الشَّرَائِع تعبيرًا على الْمعَانِي الْعَالِيَة بأقصى مَا تسمح بِهِ اللُّغَات مَعَ اعْتِقَاد تَنْزِيه الله عَن أَعْرَاض الْمَخْلُوقَات بِالدَّلِيلِ الْعَام على التَّنْزِيه وَهُوَ مَضْمُون قَول الْقُرْآن {لَيْسَ كمثله شَيْء} فَأهل الْإِيمَان إِذا سمعُوا أَو أطْلقُوا وصفي: الرَّحْمَن الرَّحِيم؛ لَا يفهمون مِنْهُ حُصُول ذَلِك الانفعال الملحوظ فِي حَقِيقَة الرَّحْمَة فِي مُتَعَارَف اللُّغَة الْعَرَبيَّة لسطوع أَدِلَّة تَنْزِيه الله تَعَالَى عَن الْأَعْرَاض بل إِنَّه يُرَاد بِهَذَا الْوَصْف فِي جَانب الله تَعَالَى إِثْبَات الْغَرَض الأسمى من حَقِيقَة الرَّحْمَة وَهُوَ صُدُور آثَار الرَّحْمَة من الرِّفْق واللطف وَالْإِحْسَان والإعانة لِأَن ماعدا ذَلِك من الْقُيُود الملحوظة فِي مُسَمّى الرَّحْمَة فِي مُتَعَارَف النَّاس لَا أهمية لَهُ، لَوْلَا أَنه لَا يُمكن بِدُونِهِ حُصُول آثاره فيهم أَلا ترى أَن الْمَرْء قد يرحم أحدا وَلَا يملك لَهُ نفعا لعجز أَو نَحوه وَقد أَشَارَ إِلَى مَا قُلْنَاهُ أَبُو حَامِد الْغَزالِيّ فِي الْمَقْصد الْأَسْنَى بقوله: الَّذِي يُرِيد قَضَاء حَاجَة الْمُحْتَاج وَلَا يَقْضِيهَا فَإِن كَانَ قَادِرًا على قَضَائهَا لم يسم رحِيما إِذْ لَو تمت الْإِرَادَة لوفى بهَا وَإِن كَانَ عَاجِزا فقد يُسمى رحِيما بِاعْتِبَار مَا اعْتَبرهُ من الرَّحْمَة والرقة وَلَكِن نَاقص.

وَبِهَذَا تعلم أَن إِطْلَاق نَحْو هَذَا الْوَصْف على الله تَعَالَى لَيْسَ من الْمُتَشَابه