للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْعَهْدُ: مَعْرِفَةُ الشَّيْءِ وَتَذَكُّرُهُ، وَهُوَ مَصْدَرٌ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أُطْلِقَ عَلَى الْمَفْعُولِ كَإِطْلَاقِ الْخَلْقِ عَلَى الْمَخْلُوقِ، أَيْ طَالَ الْمَعْهُودُ لَكُمْ وَبَعُدَ زَمَنُهُ حَتَّى نَسِيتُمُوهُ وَعَمِلْتُمْ بِخِلَافِهِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَبْقَى عَلَى أَصْلِ الْمَصْدَرِ وَهُوَ عَهْدُهُمُ اللَّهَ عَلَى الِامْتِثَالِ وَالْعَمَلِ بِالشَّرِيعَةِ. وَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَقَوْلُهُ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي فِي [سُورَةِ الْبَقَرَةِ: ٢٧ وَ٤٠] .

وأَمْ إِضْرَابٌ إِبْطَالِيٌّ. وَالِاسْتِفْهَامُ الْمُقَدَّرُ بَعْدَ أَمْ فِي قَوْلِهِ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ [طه: ٨٦] إِنْكَارِيٌّ أَيْضًا، إِذِ التَّقْدِيرُ: بَلْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ، فَلَا يَكُونُ كُفْرُكُمْ إِذَنْ إِلَّا إِلْقَاءً بِأَنْفُسِكُمْ فِي غَضَبِ اللَّهِ كَحَالِ مَنْ يُحِبُّ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْهِ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ.

فَفِي قَوْلِهِ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ اسْتِعَارَةٌ تَمْثِيلِيَّةٌ، إِذْ شَبَّهَ حَالَهُمْ فِي ارْتِكَابِهِمْ أَسْبَابَ حُلُولِ غَضَبِ اللَّهِ عَلَيْهِمْ بِدُونِ دَاعٍ إِلَى ذَلِكَ بِحَالِ مَنْ يُحِبُّ حُلُولَ غَضَبِ اللَّهِ عَلَيْهِ إِذِ الْحُبُّ لَا سَبَبَ لَهُ.

وَقَوْلُهُ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي تَفْرِيعٌ عَلَى الِاسْتِفْهَامِ الْإِنْكَارِيِّ الثَّانِي. وَمَعْنَى مَوْعِدِي هُوَ وَعْدُ اللَّهِ عَلَى لِسَانِهِ، فَإِضَافَتُهُ إِلَى ضَمِيرِهِ لِأَنَّهُ الْوَاسِطَةُ فِيهِ.

[٨٧- ٨٨]

[سُورَة طه (٢٠) : الْآيَات ٨٧ الى ٨٨]

قالُوا مَا أَخْلَفْنا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنا وَلكِنَّا حُمِّلْنا أَوْزاراً مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْناها فَكَذلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ (٨٧) فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوارٌ فَقالُوا هَذَا إِلهُكُمْ وَإِلهُ مُوسى فَنَسِيَ (٨٨)

قالُوا مَا أَخْلَفْنا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنا وَلكِنَّا حُمِّلْنا أَوْزاراً مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْناها وَقَعَتْ جُمْلَةُ قالُوا غَيْرَ مَعْطُوفَةٍ لِأَنَّهَا جَرَتْ فِي الْمُحَاوَرَةِ جَوَابًا عَنْ كَلَامِ مُوسَى- عَلَيْهِ السَّلَامُ-. وَضَمِيرُ قالُوا عَائِدٌ إِلَى الْقَوْمِ