وَإِنَّمَا الْقَائِلُ بَعْضُهُمْ، تَصَدُّوا مُجِيبِينَ عَنِ الْقَوْمِ كُلِّهِمْ وَهُمْ كُبَرَاءُ الْقَوْمِ وَأَهْلُ الصَّلَاحِ مِنْهُمْ.
وَقَوْلُهُ بِمَلْكِنا قَرَأَهُ نَافِعٌ، وَعَاصِمٌ، وَأَبُو جَعْفَرٍ- بِفَتْحِ الْمِيمِ-. وَقَرَأَهُ ابْنُ كَثِيرٍ، وَابْنُ عَامِرٍ، وَأَبُو عَمْرٍو، وَيَعْقُوبُ- بِكَسْرِ الْمِيمِ-. وَقَرَأَهُ حَمْزَةُ، وَالْكِسَائِيُّ، وَخَلَفٌ- بِضَمِّ الْمِيمِ-. وَهِيَ وُجُوهٌ ثَلَاثَةٌ فِي هَذِهِ الْكَلِمَةِ، وَمَعْنَاهَا: بِإِرَادَتِنَا وَاخْتِيَارِنَا، أَيْ لِإِخْلَافِ مَوْعِدِكَ، أَيْ مَا تَجَرَّأْنَا وَلَكِنْ غَرَّهُمُ السَّامِرِيُّ وَغَلَبَهُمْ دَهْمَاءُ الْقَوْمِ. وَهَذَا إِقْرَارٌ مِنَ الْمُجِيبِينَ بِمَا فَعَلَهُ دَهْمَاؤُهُمْ.
وَالِاسْتِدْرَاكُ رَاجِعٌ إِلَى مَا أَفَادَهُ نَفْيُ أَنْ يَكُونَ إِخْلَافُهُمُ الْعَهْدَ عَنْ قَصْدٍ لِلضَّلَالِ وَالْجُمْلَةُ الْوَاقِعَةُ بَعْدَهُ وَقَعَتْ بِإِيجَازٍ عَنْ حُصُولِ الْمَقْصُودِ مِنَ التَّنَصُّلِ مِنْ تَبِعَةِ نَكْثِ الْعَهْدِ.
وَمَحَلُّ الِاسْتِدْرَاكِ هُوَ قَوْلُهُ فَقالُوا هَذَا إِلهُكُمْ وَإِلهُ مُوسى وَمَا قَبْلَهُ تَمْهِيدٌ لَهُ، فَعُطِفَتِ الْجُمَلُ قَبْلَهُ بِحَرْفِ الْفَاءِ وَاعْتَذَرُوا بِأَنَّهُمْ غُلِبُوا عَلَى رَأْيِهِمْ بِتَضْلِيلِ السَّامِرِيِّ.
فَأُدْمِجَتْ فِي هَذَا الِاعْتِذَارِ الْإِشَارَةُ إِلَى قَضِيَّةِ صَوْغِ الْعِجْلِ الَّذِي عَبَدُوهُ وَاغْتَرُّوا بِمَا مُوِّهَ لَهُمْ مِنْ أَنَّهُ إِلَهُهُمُ الْمَنْشُودُ مِنْ كَثْرَةِ مَا سَمِعُوا مِنْ رَسُولِهِمْ أَنَّ اللَّهَ مَعَهُمْ أَوْ أَمَامَهُمْ، وَمِمَّا جَاشَ فِي خَوَاطِرِهِمْ مِنَ الطَّمَعِ فِي رُؤْيَتِهِ تَعَالَى.
وَقَرَأَ نَافِعٌ، وَابْنُ كَثِيرٍ، وَابْنُ عَامِرٍ، وَحَفْصٌ عَنْ عَاصِمٍ، وَرُوَيْسٌ عَنْ يَعْقُوبَ حُمِّلْنا- بِضَمِّ الْحَاءِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ مَكْسُورَةٍ، أَيْ حَمَّلَنَا مَنْ حَمَّلَنَا، أَوْ حَمَّلْنَا أَنْفُسَنَا.
وَقَرَأَ أَبُو بَكْرٍ عَنْ عَاصِمٍ، وَحَمْزَةُ، وَأَبُو عَمْرٍو، وَالْكِسَائِيُّ، وَرَوْحٌ عَنْ يَعْقُوبَ- بِفَتْحِ الْحَاءِ وَفَتْحِ الْمِيمِ مُخَفَّفَةً-.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute