وَالْأَوْزَارُ: الْأَثْقَالُ. وَالزِّينَةُ: الْحُلِيُّ وَالْمَصُوغُ. وَقَدْ كَانَ بَنُو إِسْرَائِيلَ حِينَ أَزْمَعُوا الْخُرُوجَ قَدِ احْتَالُوا عَلَى الْقِبْطِ فَاسْتَعَارَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ جَارِهِ الْقِبْطِيِّ حُلِيًّا فِضَّةً وَذَهَبًا وَأَثَاثًا، كَمَا فِي الْإِصْحَاحِ ١٢ مِنْ سِفْرِ الْخُرُوجِ. وَالْمَعْنَى: أَنَّهُمْ خَشَوْا تَلَاشِيَ تِلْكَ الزِّينَةِ فَارْتَأَوْا أَنْ يَصُوغُوهَا قِطْعَةً وَاحِدَةً أَوْ قِطْعَتَيْنِ لِيَتَأَتَّى لَهُمْ حِفْظُهَا فِي مَوْضِعٍ مَأْمُونٍ.
وَالْقَذْفُ: الْإِلْقَاءُ. وَأُرِيدَ بِهِ هُنَا الْإِلْقَاءُ فِي نَارِ السَّامِرِيِّ للصوغ، كَمَا يومىء إِلَيْهِ الْإِصْحَاحُ ٣٢ مِنْ سِفْرِ الْخُرُوجِ. فَهَذَا حِكَايَةُ جَوَابِهِمْ لِمُوسَى- عَلَيْهِ السَّلَامُ- مُجْمَلًا مُخْتَصَرًا شَأْنَ الْمُعْتَذِرِ بِعُذْرٍ وَاهٍ أَنْ يَكُونَ خَجْلَانَ مِنْ عُذْرِهِ فَيَخْتَصِرُ الْكَلَامَ.
فَكَذلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ (٨٧) فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَداً لَهُ خُوارٌ فَقالُوا هَذَا إِلهُكُمْ وَإِلهُ مُوسى فَنَسِيَ (٨٨) ظَاهِرُ حَالِ الْفَاءِ التَّفْرِيعِيَّةِ أَنْ يَكُونَ مَا بَعْدَهَا صَادِرًا مِنْ قَائِلِ الْكَلَامِ الْمُفَرَّعِ عَلَيْهِ.
وَالْمَعْنَى: فَمِثْلُ قَذْفِنَا زِينَةَ الْقَوْمِ، أَيْ فِي النَّارِ، أَلْقَى السَّامِرِيُّ شَيْئًا مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا. وَالْمَقْصُودُ مِنْ هَذَا التَّشْبِيهِ التَّخَلُّصُ إِلَى قِصَّةِ صَوْغِ الْعِجْلِ الَّذِي عَبَدُوهُ.
وَضَمِيرَا الْغِيبَةِ فِي قَوْلِهِ فَأَخْرَجَ لَهُمْ وَقَوْلُهُ: فَقالُوا عَائِدَانِ إِلَى غَيْرِ الْمُتَكَلِّمِينَ.
عَلَّقَ الْمُتَكَلِّمُونَ الْإِخْرَاجَ وَالْقَوْلَ بِالْغَائِبِينَ لِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّ الْمُتَكَلِّمِينَ مَعَ مُوسَى لَمْ يَكُونُوا مِمَّنِ اعْتَقَدَ إِلَهِيَّةَ الْعِجْلِ وَلَكِنَّهُمْ صَانَعُوا دَهْمَاءَ الْقَوْمِ، فَيَكُونُ هَذَا مِنْ حِكَايَةِ قَوْلِ الْقَوْمِ لِمُوسَى. وَعَلَى هَذَا دَرَجَ جُمْهُورُ الْمُفَسِّرِينَ، فَيَكُونُ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute