قُلْ لِعِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ [إِبْرَاهِيم: ٣١] فَكَذَلِكَ مَا كَانَ فِيهِ مَعْنَى الْقَوْلِ كَمَا هُنَا.
وَ (كُلُّ) مُسْتَعْمَلٍ فِي مَعْنَى الْكَثْرَةِ، أَيْ: بِجَمْعٍ عَظِيمٍ مِنَ السَّحَرَةِ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ جَمِيعَ ذَلِكَ النَّوْعِ.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: بِكُلِّ ساحِرٍ وَقَرَأَ جمزة، وَالْكِسَائِيُّ، وَخَلَفٌ: بِكُلِّ سَحَّارٍ، عَلَى الْمُبَالَغَةِ فِي مَعْرِفَةِ السِّحْرِ، فَيَكُونُ وَصْفُ عَلِيمٍ تَأْكِيدًا لِمَعْنَى الْمُبَالَغَةِ لِأَنَّ وَصْفَ عَلِيمٍ الَّذِي هُوَ مِنْ أَمْثِلَةِ الْمُبَالَغَةِ لِلدَّلَالَةِ عَلَى قُوَّةٍ الْمَعْرِفَةِ بِالسِّحْرِ، وَحُذِفُ مُتَعَلِّقِ عَلِيمٍ لِأَنَّهُ صَارَ بِمَنْزِلَةِ أَفْعَالِ السَّجَايَا. وَالْمَقَامُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ قُوَّةُ عِلْمِ السحر لَهُ.
[١١٣- ١١٦]
[سُورَة الْأَعْرَاف (٧) : الْآيَات ١١٣ إِلَى ١١٦]
وَجاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قالُوا إِنَّ لَنا لَأَجْراً إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغالِبِينَ (١١٣) قالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (١١٤) قالُوا يَا مُوسى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ (١١٥) قالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجاؤُ بِسِحْرٍ عَظِيمٍ (١١٦)
عُطِفَتْ جُمْلَةُ وَجاءَ السَّحَرَةُ عَلَى جُمْلَةِ: قالُوا أَرْجِهْ وَأَخاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ يَأْتُوكَ بِكُلِّ ساحِرٍ عَلِيمٍ [الْأَعْرَاف: ١١١، ١١٢] وَفِي الْكَلَامِ إِيجَازُ حَذْفٍ. وَالتَّقْدِيرُ:
قَالُوا أَرْجِهِ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ إِلَخْ، فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ فَحَشَرُوا وَجَاءَ السَّحَرَةُ مِنَ الْمَدَائِنِ فَحَضَرُوا عِنْدَ فِرْعَوْنَ.
فَالتَّعْرِيفُ فِي قَوْلِهِ: السَّحَرَةُ تَعْرِيفُ الْعَهْدِ. أَيِ السَّحَرَةُ الْمَذْكُورُونَ، وَكَانَ حُضُورُ السَّحَرَةِ عِنْدَ فِرْعَوْنَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي عَيَّنَهُ مُوسَى لِلِقَاءِ السَّحَرَةِ وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي سُورَةِ طَهَ.
وَجُمْلَةُ: قالُوا إِنَّ لَنا لَأَجْراً اسْتِئْنَافٌ بَيَانِيٌّ بِتَقْدِيرِ سُؤَالِ مَنْ يَسْأَلُ: مَاذَا صَدَرَ مِنَ السَّحَرَةِ حِينَ مَثُلُوا بَيْنَ يَدَيْ فِرْعَوْنَ؟.
وَقَرَأَ نَافِعٌ، وَابْنُ كَثِيرٍ، وَحَفْصٌ، وَأَبُو جَعْفَرٍ إِنَّ لَنا لَأَجْراً ابْتِدَاءً بِحَرْفِ (إِنَّ) دُونَ هَمْزَةِ اسْتِفْهَامٍ، وَقَرَأَهُ الْبَاقُونَ بِهَمْزَةِ اسْتِفْهَامٍ قَبْلَ (إِنَّ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute