وَتَفْسِيرُ قَوْلِهِ: وَقَطَعْنا دابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا نَظِيرُ قَوْلِهِ تَعَالَى: فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ [٤٥] ، وَقَدْ أَرْسَلَ عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الدَّبُّورَ فَأَفْنَاهُمْ جَمِيعًا وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ أَحَدٌ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الَّذِينَ أَنْجَاهُمُ اللَّهُ مِنْهُمْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ نَسْلٌ. وَأَمَّا الْآيَةُ فَلَا تَقْتَضِي إِلَّا انْقِرَاضَ نَسْلِ الَّذِينَ كَذَّبُوا وَنَزَلَ بِهِمُ الْعَذَابُ وَالتَّعْرِيفُ بِطَرِيقِ الْمَوْصُولِيَّةِ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ:
وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا [الْأَعْرَاف: ٦٤] فِي قِصَّةِ نُوحٍ آنِفًا، فَهُوَ لِلْإِيمَاءِ إِلَى وَجْهِ بِنَاءِ الْخَبَرِ وَهُوَ قَطْعُ دَابِرِهِمْ.
وَما كانُوا مُؤْمِنِينَ عَطْفٌ عَلَى كَذَّبُوا فَهُوَ مِنَ الصِّلَةِ، وَفَائِدَةُ عَطْفِهِ الْإِشَارَةُ إِلَى أَنَّ كِلْتَا الصِّلَتَيْنِ مُوجِبٌ لَقَطْعِ دَابِرِهِمْ: وَهُمَا التَّكْذِيبُ وَالْإِشْرَاكُ، تَعْرِيضًا بِمُشْرِكِي قُرَيْشٍ، وَلِمَوْعِظَتِهِمْ ذُكِرَتْ هَذِهِ الْقَصَصُ. وَقَدْ كَانَ مَا حَلَّ بعاد من الاستيصال تَطْهِيرا أوّل لبلاد الْعَرَبِ مِنَ الشِّرْكِ، وَقَطْعًا لِدَابِرِ الضَّلَالِ مِنْهَا فِي أَوَّلِ عُصُورِ عُمْرَانِهَا، إِعْدَادًا لِمَا أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى مِنِ انْبِثَاقِ نُورِ الدَّعْوَةِ المحمّديّة فِيهَا.
[٧٣]
[سُورَة الْأَعْرَاف (٧) : آيَة ٧٣]
وَإِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً قالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ قَدْ جاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هذِهِ ناقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوها تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٧٣)
الْوَاوُ فِي قَوْلِهِ: وَإِلى ثَمُودَ مِثْلُهَا فِي قَوْلِهِ: وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً [الْأَعْرَاف:
٦٥] ، وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي تَفْسِيرِهَا إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ.
وَثَمُودُ أُمَّةٌ عَظِيمَةٌ مِنَ الْعَرَبِ الْبَائِدَةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ ثَمُودَ بْنِ جَاثِرَ- بِجِيمٍ وَمُثَلَّثَةٍ كَمَا فِي «الْقَامُوسِ» - ابْن إِرَمَ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ فَيَلْتَقُونَ مَعَ عَادٍ فِي (إِرَمَ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute