[٨]
[سُورَة هود (١١) : آيَة ٨]
وَلَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ وَحاقَ بِهِمْ مَا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٨)
وَلَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ.
مُنَاسَبَتُهُ لِمَا قَبْلَهُ أَنَّ فِي كِلَيْهِمَا وَصْفُ فَنٍّ مِنْ أَفَانِينِ عِنَادِ الْمُشْرِكِينَ وَتَهَكُّمِهِمْ بِالدَّعْوَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ، فَإِذَا خَبَّرَهُمُ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْبَعْثِ وَأَنَّ شِرْكَهُمْ سَبَبٌ لِتَعْذِيبِهِمْ جَعَلُوا كَلَامَهُ سِحْرًا، وَإِذَا أَنْذَرَهُمْ بِعُقُوبَةِ الْعَذَابِ عَلَى الْإِشْرَاكِ اسْتَعْجَلُوهُ، فَإِذَا تَأَخَّرَ عَنْهُمْ إِلَى أَجَلٍ اقْتَضَتْهُ الْحِكْمَةُ الرَّبَّانِيَّةُ اسْتَفْهَمُوا عَنْ سَبَبِ حَبْسِهِ عَنْهُمُ اسْتِفْهَامَ تَهَكُّمٍ ظَنًّا أَنَّ تَأَخُّرَهُ عَجْزٌ.
وَاللَّامُ مُوَطِّئَةٌ لِلْقَسَمِ. وَجُمْلَةُ لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ جَوَابُ الْقَسَمِ مغنية من جَوَابِ الشَّرْطِ.
وَالْأُمَّةُ: حَقِيقَتُهَا الْجَمَاعَةُ الْكَثِيرَةُ مِنَ النَّاسِ الَّذِينَ أَمْرُهُمْ وَاحِدٌ، وَتُطْلَقُ عَلَى الْمُدَّةِ كَأَنَّهُمْ رَاعَوْا أَنَّهَا الْأَمَدُ الَّذِي يَظْهَرُ فِيهِ جِيلٌ فَأُطْلِقَتْ عَلَى مُطْلَقِ الْمُدَّةِ، أَيْ بَعْدَ مُدَّةٍ.
ومَعْدُودَةٍ مَعْنَاهُ مُقَدَّرَةٌ، أَيْ مُؤَجَّلَةٌ. وَفِيهِ إِيمَاءٌ إِلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ مَدِيدَةً لِأَنَّهُ شَاعَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ إِطْلَاقُ الْعَدِّ وَالْحِسَابِ وَنَحْوِهِمَا عَلَى التَّقْلِيلِ، لِأَنَّ الشَّيْءَ الْقَلِيلَ يُمْكِنُ ضَبْطُهُ بِالْعَدَدِ، وَلِذَلِكَ يَقُولُونَ فِي عَكْسِهِ: بِغَيْرِ حِسَابٍ، مِثْلُ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ [الْبَقَرَة: ٢١٢] .
وَالْحَبْسُ: إِلْزَامُ الشَّيْءِ مَكَانًا لَا يَتَجَاوَزُهُ. وَلِذَلِكَ يُسْتَعْمَلُ فِي مَعْنَى الْمَنْعِ كَمَا هُنَا، أَيْ مَا يَمْنَعُ أَنْ يَصِلَ إِلَيْنَا وَيَحِلَّ بِنَا وَهُمْ يُرِيدُونَ التَّهَكُّمَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute