للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جَانِبُ التَّسْلِيَةِ فَعَطَفَ بِالْوَاوِ عَطْفَ الْقِصَّةِ عَلَى الْقِصَّةِ.

وَالْكَلِمَةُ مُرَادٌ بِهَا الْكَلَامُ، عَبَّرَ عَنِ الْكَلَامِ بِكَلِمَةٍ إِشَارَةً إِلَى أَنَّهُ مُنْتَظِمٌ فِي مَعْنًى وَاحِدٍ دَالٍّ عَلَى الْمَقْصُودِ دَلَالَةً سَرِيعَةً فَشُبِّهَ بِالْكَلِمَةِ الْوَاحِدَةِ فِي سُرْعَةِ الدَّلَالَةِ وَإِيجَازِ اللَّفْظِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: كَلَّا إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها [الْمُؤْمِنُونَ: ١٠٠]

وَقَول النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَصْدَقُ كَلِمَةٍ قَالَهَا شَاعِرٌ كَلِمَةُ لَبِيدٍ:

أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلَا اللَّهَ بَاطِلُ»

وَبُيِّنَتِ الْكَلِمَةُ بِجُمْلَةِ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ، أَيِ الْكَلَامُ الْمُتَضَمِّنُ وَعْدَهُمْ بِأَنْ يَنْصُرَهُمُ اللَّهُ عَلَى الَّذِينَ كَذَّبُوهُمْ وَعَادَوْهُمْ وَهَذِهِ بِشَارَة للنبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَقِبَ تَسْلِيَتِهِ لِأَنَّهُ دَاخِلٌ فِي عُمُومِ الْمُرْسَلِينَ.

وَعَطَفَ إِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ

بِشَارَةً لِلْمُؤْمِنِينَ فَإِنَّ الْمُؤْمِنِينَ جُنْدُ اللَّهِ، أَيْ أَنْصَارُهُ لِأَنَّهُمْ نَصَرُوا دِينَهُ وَتَلَقَّوْا كَلَامَهُ، كَمَا سُمُّوا حِزْبَ اللَّهِ فِي قَوْلِهِ: كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ [المجادلة: ٢١] إِلَى قَوْلِهِ: أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ [المجادلة: ٢٢] إِلَى قَوْلِهِ: أُولئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [المجادلة: ٢٢] . وَقَوله: هُمُ الْغالِبُونَ

يَشْمَلُ عُلُوَّهُمْ عَلَى عَدُوِّهِمْ فِي مَقَامِ الْحِجَاجِ وَمَلَاحِمِ الْقِتَالِ فِي الدُّنْيَا، وَعُلُوَّهُمْ عَلَيْهِمْ فِي الْآخِرَةِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ [الْبَقَرَة: ٢١٢] فَهُوَ من استعمالْ غالِبُونَ

فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ.

وَمعنى الْمَنْصُورُونَ وْغالِبُونَ

فِي أَكْثَرِ الْأَحْوَالِ وَبِاعْتِبَارِ الْعَاقِبَةِ، فَلَا يُنَافِي أَنَّهُمْ يُغْلَبُونَ نَادِرًا ثُمَّ تَكُونُ لَهُمُ الْعَاقِبَةُ، أَوِ الْمُرَادُ النَّصْرُ وَالْغَلَبَةُ الْمَوْعُودُ بِهِمَا قَرِيبًا وَهُمَا مَا كَانَ يَوْم بدر.

[١٧٤- ١٧٥]

[سُورَة الصافات (٣٧) : الْآيَات ١٧٤ إِلَى ١٧٥]

فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ (١٧٤) وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ (١٧٥)

هَذَا مُفَرَّعٌ عَلَى التَّسْلِيَةِ الَّتِي تَضَمَّنَهَا قَوْلُهُ: وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا [الصافات: ١٧١] .